لقد شكلت مسيرة باريس الأخيرة التي دعا إليها بعض النشطاء الريفيين الذين يُوظفون كثيرا وسائط التواصل الاجتماعي للتواصل مع الجماهير وحشد الدعم الشعبي للقضية الريفية بكل أبعادها، وعلى رأسها قضية المعتقلين الرهائن في سجون النظام المخزني … شكلت محطة جد مهمة في تاريخ الحركية المدنية والسياسية الريفية بالدياسبورا، ومٌعطى مرجعي لفهم تطور هذه الحركية في السنوات الأخيرة حيث الشباب، أو الجيل الجديد من المهجرين الريفيين يأخذ مشعل الصراع بجرأة غير معهودة مما جعل هذا الجيل نفسه في صراع مع االجيل القديم الذي غالبا ما ينهل من أفكار اليسار العروبي والوحدة الوطنية المزعومة….الخ. لنعد تركيب المشهد:
منذ بداية الموجات الأولى لتهجير الريفيين إلى البلدان الأوروبية، سيطرت التنظيمان المُرتبطة بشكل أو بآخر بالدولة المخزنية وثوابتها المزعومة، أو على الأقل جزء منها، كوادديات العمال المغاربة بالخارج مثلا، أو الجمعيات والتنظيمات المغربية ذات البعد العروبي والوحدوي في مُعظمها، أو ما ِيُصطلح عليه حاليا بالخوزوماشوقيين …. وعندما جاء حراك الريف بتصورات جديدة جريئة وواقعية، حاول الخوزوماشوقيين محاصرته واحتواته في الحسيمة واحتواء امتداداته في أوروبا لأهداف لا علم لنا بها. ربما لاستعراض عضلات في معركة لا تحتاج أصلا إلى عضلاتهم…. إلا أن محاولاتهم هنا وهناك باءت بالفشل لأسباب معروفة …..
في أوروبا، قاموا ببناء بيوت عنكبوت فارغة موهمين أنفسهم أنها خلايا ثورية، وبدؤوا –منذ وقت ليس بالقريب- في اتهام كل المُهجرين الجدد بالعمالة للمخزن، طبعا في جلساتهم المغلقة التي تغلب عليها كؤوس الراح، وذلك دون التوفر على الجرأة الكافية للتعبير عن ذلك علانية، مُعتقدين أنهم يُمثلون خلية الثورة السوفياتية، ناسين أو مُتناسين بأن جدار برلين قد سقط منذ ما يُقارب الثلاثة عقود …. ورغم أن الكثير من تفاصيل جلسات الراح تتسرب تفاصيلها للعلن… وطبعا بلا حجة ولا بُرهان كما هي عادتهم….. والأدهى مىن هذا، أنهم نعتوا بعض المؤمنين بجمهورية الريف التاريخية بأصحاب جمهورية اللايف في تحقير واستهزاء خطير بآلاف وملايين الريفيين الذين يؤمنون بهذا الخيار.
وعندما كثرت منزلاقتهم وأصبحوا هم أنفسهم هدفا للتخوينات اللايفية، بدأوا في التباكي وإطلاق نداءات من أجل وقف “التطاحن الريفي – الريفي” – كذا- ، رغم أنهم يعرفون جيدا أن العين بالعين والبادئ أظلم كما يُقال …
استهزاء هؤلاء بالإرث التاريخي لجمهورية الريف من جهة، وبمجهودات الشباب من جهة ثانية، جعلهم بالفعل خارج الزمن السياسي الريفي بالداخل والخارج، خاصة وأن نُشطاء الريف الذين يقولون عنهم –أصحاب جمهورية اللايف- يُنظمون مسيرات بالآلاف في مختلف المُدن الأوروبية في الوقت الذي بقي فيه ما بقي من الخوزوماشقيين خارج الزمن السياسي وهو ما يجعلهم خارج التاريخ أيضا …..
بقلم : فكري الأزرق
08/04/2018