بعد تسريب وثائق استفادة الخازن العام للمملكة، من أرض للدولة ( 20280 متر مربع ) في موقع استراتيجي بمراكش وبثمن زهيد، لإنشاء مشروع سياحي وسكني ضخم، قررت النقابة الوطنية الديمقراطية للمالية المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، حسم الأمور من جذورها والنزول بكل ثقلها، لوضع الجهات المسؤولة أمام مسؤولياتها في اتخاذ الإجراءات القانونية قصد الحفاظ على “صورة وسمعة وزارة الاقتصاد والمالية وموظفيها” كما ورد في بيانها الصادر بداية هذا الأسبوع.
وقد كان البيان قويا وشديد اللهجة حين تعرضه للقضية التي تناولتها بعض الجرائد والمواقع الإلكترونية، ووصف تصرف الخازن العام، بكونه محكوم ب “تضارب المصالح واستغلال النفوذ” ويحمل طابع “التحايل والتدليس” و”يسيء إلى صورة وسمعة وزارة الاقتصاد والمالية وموظفيها، ويُخلف انطباعا سيئا عن الوزارة لدى الرأي العام وعموم المواطنين”.
وبناء على ذلك، طالبت النقابة وزير الاقتصاد والمالية بإحالة الخازن العام العام على المجلس التأديبي، وطالبت رئيس الحكومة بتوقيفه إلى “حين استكمال نتائج البحث القضائي والتحقيق لاقترافة شبهة استغلال النفوذ وتبديد أموال عمومية”. كما قررت مراسلتهما إضافة إلى والي جهة مراكش تانسيفت، كل في دائة اختصاصه، لفتح تحقيق في الموضوع وإلغاء عقد التفويت لمخالفته دفتر التحملات. وأيضا قررت مراسلة المجلس الأعلى للحسابات للتحقيق في العملية التي “فوتت على الدولة تحصيل أموال عمومية تفوق أربعين مليارا”.
كما أعلنت النقابة أنها بصدد وضع جدول زمني عن وقفات احتجاجية خلال الأيام القادمة. ودعت مختلف فروعها وهياكلها للاستعداد لهذا البرنامج الاحتجاجي، الذي قد يكون الأول من نوعه في تاريخ النقابة والوزارة معا.
موقف النقابة الوطنية الديمقراطية للمالية يكتسي أهمية كبيرة في القضية لسببين:
السبب الأول هو أنه جاء مباشرة بعد ردود فعل سلبية تجاه التسريب، تتلخص في كون الخازن العام، يحضى بنفوذ كبير في الوزارة، ويعتبر من الشخصيات المُستفيدة من هيبة القرب من المحيط الملكي، على اعتبار أنه كان سابقا زميلا للعاهل المغربي في الدراسة. وموقف النقابة القوي يعني رفع تحدي ربما تاريخي منذ نشأتها قبل عشرين سنة. لكن قد تساعدها عليه تغير الظروف وتنامي ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة.
السبب الثاني، هو أن للنقابة مع السيد نور الدين بنسودة، تاريخ حافل من المنازلات والمعارك التي كانت ضارية وقاسية، حينما كان على رأس المديرية العامة للضرائب، ولم تعرف المديرية العامة للضرائب أية هدنة تُذكر على حساب مطالب النقابة، كما لم تنجح كل محاولات استيعابها أو تكسير شوكتها، مما يوحي بأن وراء الموقف الحالي استعداد قوي للذهاب إلى أبعد الحدود. هذا دون أن نغفل ما قد يحمله القادم من الأيام من تغير مفاجئ في المعطيات.