بدأت حكايته حين تلقفته كاميرا أحد المواقع الإلكترونية، في شارع من شوارع الدار البيضاء ليدلي بدلوه في مرض انفلونزا الخنازير، تكلم الرجل بطريقة كوميدية عن المرض، وشاء حسن حظه أو سوء حظنا أن يتحول اسم المرض على لسانه وحصريا مع براءة اختراع إلى “إكشوان إكنوان “.. هكذا نطق اسم المرض، وهكذا تبنى البوز وطغى على المرض نفسه. المواطنين في انقياد الاسم الجديد الذي خلق
وقبل أن يحل الصباح، انتشر الاسم الإكشواني كالنار في الهشيم، وغزا صاحبه مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدر الطوندنس.
تسابقت المواقع الإلكترونية لتصوير تفاصيل حياة الرجل وزواجه، حكاية يتمه وزفافه، علاقته بأصهاره و.. و..
وتحول إلى نجم النجوم!!
ومشاهدات بالملايين، ومتبرعين انشقت عنهم الأرض، ونجوم متضامنين مع الظاهرة الإكشوانية!
وطافت هاته التفاهة الإلكترونية البيوت في عبث، وأغرقت السوق.. وملأ إكشوان إكنوان الدنيا بزعيقه وتفاصيل حياته الخاصة التي حولتها كاميرات مفسدة للذوق إلى ملك عمومي!
وكرقعة الزيت، اتسعت رقعة التفاهة.
تحول إلى إنسان معجزة، بطل خارق تلاحقه الكاميرات وتستزيده حكيا وإكشوانية.
شبابنا في السجون بأحكام قاسية، لأنهم طالبوا بحقهم في العيش الكريم، الريع ينخر البلاد وتستفيد منه” رباعة ديال…”، النخبة فاسدة، الناس في الجبال تموت بردا، وهناك مواطنون أنهكتهم الفاقة، والجيوب تتضامن في سخاء مع شخص نطق خطأ اسم مرض! فأي استهزاء بالعقول هذا؟ وأية بضاعة مسمومة هاته؟
وفي المقابل نستمتع نحن بمشاهدة الحمقى والبلهاء، ونحولهم إلى مشاهير وقدوات يتكلمون فننصت في بلادة، حتى تحولت أصواتهم وكأنها نصوص مقدسة تتلى..
فهل ننهزم بالتفاهة؟!
أليس هذا سلاح ماكر موجه نحو عقولنا واختياراتنا؟!
حولنا التفاهة بكثرة مساهمتنا في نشرها إلى منتج.. له ثمن! وصرنا نتقاسم حكيها ونزين بها الجلسات!
فإذا كانوا يحرفون أنظارنا عن قضايا البلد المهمة بصناعة نجوم مزيفين، فكيف نكون نحن بهاته الهشاشة وسرعة الانقياد؟
هل إنهم مسؤولين عن إلهائنا، أم أننا مهيئين، وننتظر أول قادم إكشواني يهدينا فعل الإلهاء على طبق من حركات بهلوانية وتفاهة لنصفق له وندعمه؟!
المثير للانتباه أن إعلامنا المتواطئ يلمع التفاهة، وهو على يقين أنه سينجح في جعلنا نشاهدها وبالملايين، وأنه لن يرينا إلا ما يرى!
وبالفعل، ففي الوقت الذي نجتمع فيه على قلب رجل واحد، ونحكم على منتوج بالتفاهة وعلى بعض النجوم بالزيف، نجد نسبة المشاهدات قد تخطت الملايين، فهل نعيش شيزوفرينيا القيم ؟!