مع التفعيل لـ”المادة 102″ من الدستور الجزائري، التي تنص على شغور منصب رئيس البلاد، أصبح رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أمام مسؤولية تاريخية تتمثل بتوليه الرئاسة بالنيابة مدة 90 يوماً.
جاء ذلك بعد أن أبلغ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المجلس الدستوري، الثلاثاء (2 أبريل)، قراره بإنهاء ولايته الرئاسية.
وفي وقت سابق، دعا رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، إلى تطبيق المادة الدستورية التي تنص على شغور منصب الرئيس باعتبارها حلاً “توافقياً” يُنهي أزمة البلاد السياسية، بحيث يحفظ سيادة الدولة ويستجيب لمطالب الشعب.
وتنص المادة المذكورة، على أنه في حالة استقالة الرئيس أو وفاته أو عجزه، يخلفه رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، مدة 90 يوماً، تنظَّم خلالها انتخابات جديدة، وفق ما ذكرته وكالة “الأناضول” التركية.
وتشهد الجزائر، منذ 22 فبراير، مسيرات شعبية وُصفت بالمليونية، ضد استمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم ورموز نظامه الذي أسسه منذ 20 سنة.
ولإقرار شغور منصب رئاسة البلاد، يتعين على المجلس (المحكمة) الدستوري، الانعقاد لمناقشة استقالة الرئيس وإقرار حالة الشغور، في حين يجتمع لاحقاً البرلمان بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)، ليتولى رئيس مجلس الأمة منصب رئيس الجزائر بالنيابة.
من هو عبد القادر بن صالح؟
وفقاً لسيرته الذاتية، وُلد “بن صالح” في 24 نوفمبر 1941، بـ”بني مسهل” في بلدية “المهراز”، بدائرة فلاوسن في ولاية تلمسان (غربي البلاد)، والتحق بصفوف الثورة ضد الاستعمار الفرنسي عام 1959، انطلاقاً من المغرب.
استهل “بن صالح” حياته العملية منتصف الستينيات، في المجال الصحفي، ليصبح مديراً لجريدة “الشعب” العمومية، ومراسلاً لجريدتي “المجاهد الأسبوعي” و”الجمهورية” الحكوميتين.
ثم بدأ الرجل حياته السياسية في عام 1977، عندما انتُخب نائباً برلمانياً عن ولاية تلمسان، ثلاث فترات متتالية.
غادر العمل البرلماني منتقلاً إلى السلك الدبلوماسي، عندما عُيّن سنة 1989 سفيراً لبلاده لدى المملكة العربية السعودية، ثم ناطقاً باسم الخارجية عام 1993.
عاد إلى امتهان العمل النيابي رئيساً للمجلس الانتقالي (برلمان أزمة التسعينيات)، قبل أن يؤسس رفقة ساسة آخرين حزب التجمع الوطني الديمقراطي (من الائتلاف الحاكم)، وتولى رئاسته سنة 1997.
تدرج “بن صالح” في المسؤوليات إلى أن وصل إلى منصب الرجل الثالث في الدولة، عندما انتُخب رئيساً لـ”المجلس الشعبي الوطني” في الفترة من 1997 إلى 2002.
في عام 2001، اشتد الخلاف بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورئيس مجلس الأمة آنذاك، بشير بومعزة، وعُزل الأخير من منصبه، ليخلفه عبد القادر بن صالح، صيف عام 2002.
ومنذ ذلك التاريخ، يشغل “بن صالح” منصب الرجل الثاني في الدولة، ولم تتزعزع ثقة الرئيس بوتفليقة بشخصه، على الرغم من أن انتخابات التجديد النصفي للغرفة الثانية للبرلمان تتم كل 3 سنوات.
وعقب إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية عام 2013، بات “بن صالح” الممثل الشخصي لبوتفليقة بالمحافل الإقليمية والدولية، وبالأخص في دورات جامعة الدول العربية.
وعُرف “بن صالح” بخطابته الممجدة لإنجازات بوتفليقة وبرنامجه، واشتُهر في السنوات الأخيرة بإطلاقه وصف “الأصوات الناعقة”، على معارضي بوتفليقة والمشككين في نزاهة الانتخابات الرئاسية لسنة 2014.
ووصفه الناطق باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الصديق شهاب، في تصريح لقناة “الشروق” الخاصة، مارس الماضي، بأنه “رجل مهادن، ليس له أعداء، وتولّيه رئاسة الجمهورية بالنيابة، في حالة تفعيل المادة 102 من الدستور، لن يشكل أي خطر على المسار الانتقالي”.
هذا ويسود جدل كبير في الجزائر بسبب الأصول المغربية لرئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح وعدم حصوله على الجنسية الجزائرية الأصلية، وهو ما قد يعيق توليه الرئاسة موقتا خلفا لبوتفليقة، في انتظار إجراء انتخابات رئاسية.
وحسب ما أوردته تقارير إعلامية سابقة، فإن معارضا جزائريا كشف أن رئيس مجلس الأمة مغربي الأصل لا يمكنه أن يكون رئيسا للدولة بسبب أنه لم يحصل على الجنسية الجزائرية إلا في حدود سنة 1964.
02/04/2019