نشر موقع “لوب لوغ” مقالا كتبه مدير مركز “غالف ستيتس أنالتيكس” في واشنطن، جيورجيو كافيرو، يقول فيه إن الاضطرابات الجزائرية تثير قلق التكتل السعودي الإماراتي.
ويقول كافيرو في مقاله، إن “الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عاشا فترة من التفاؤل، بأن ما أطلق عليها ثورات الربيع العربي ستؤدي إلى تحول ديمقراطي في المنطقة، وخلافا لهذا التفاؤل فإن المنطقة شهدت خلال الثماني سنوات الماضية تحولا متزايدا نحو الديكتاتورية”.
ويشير الباحث إلى أن “رئيس مصر يحاول في هذا العام تأمين بقائه في السلطة مدى الحياة، فيما يقوم الرئيس السوداني بقمع المتظاهرين، أما ملكيات الخليج فقد تحولت إلى مزيد من الاستبداد، ويتقبل العالم العربي عودة سوريا إلى العباءة الدبلوماسية العربية، بالإضافة إلى أن فكرة (موت) الربيع العربي كانت مريحة لقادة دول الخليج الذين ارتجفوا من فكرة النشاط الثوري”.
ويرى كافيرو أن “المسؤولين في دول الخليج مصممون على منع تكرار ما حدث في عام 2011، واتسم القمع في دول الثورة المضادة على المعارضين والمنشقين بالقسوة، إلا أن قادة الكتلة السعودية الإماراتية، الذين تسلموا زمام الثورة المضادة وفعلوا كل ما بوسعهم لتشديد السلطة في بلادهم، وبعبارات الباحث مارك لينتش فكتلة الثورة المضادة (أعادت ترتيب المنطقة بالكامل لمنع ربيع عربي جديد)، فقد دعمت الرياض وأبو ظبي حكام آل خليفة في البحرين اقتصاديا ودبلوماسيا في عام 2011، ومولتا انقلاب الجيش المصري عام 2013 ضد الحكومة المنتخبة، ودعمتا الجنرال خليفة حفتر، وفرضتا حصارا على الدولة الوحيدة التي أيدت الربيع العربي، قطر”.
ويقول الكاتب إنه “مع ذلك، فإن تظاهرات الشوارع خلال عامي 2018 و2019 تؤكد أن الربيع العربي لم يمت، وتخشى القيادة السعودية وبقية الدول الأخرى الداعمة (للحفاظ على الوضع القائم) من تغيير في بنية النظام يبدأ من القاع إلى القمة في كل من الجزائر والسودان، وتنتشر خارج حدودهما”.
ويلفت كافيرو إلى أن المحلل السابق في “سي آي إيه” والزميل في معهد بروكينغز، بروس ريدل، يقول إن المسؤولين السعوديين يراقبون الأحداث في الجزائر، و”هم خائفون من آثار الإطاحة بزعيم مشلول وعاجز من خلال تظاهرات شعبية، والمطالبة بنظام سياسي أكثر انفتاحا، وهو ما تعده الملكية السعودية المطلقة من المحرمات”.
ويرى الباحث أن “التقارير الأخيرة من العراق والأردن ولبنان والمغرب وتونس تشير إلى أن الشارع العربي (يستعيد صوته في عام 2019)”.
ويقول كافيرو إن “القيادة السعودية تأمل في بقاء (الدولة العميقة)، في الجزائر في مكانها، وهي النخبة المعروفة بالسلطة، وتتكون من عناصر في الجيش والأجهزة الأمنية، فملثما دعمت السعودية الجيش الجزائري في عام 1992 ماليا، وشجعت الرئيس جورج دبليو بوش لعمل الأمر ذاته، لربما حاولت القيادة السعودية دعم السلطات الجزائرية للحفاظ على مناصبها في أعقاب استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة”.
ويستدرك الكاتب بأن “السعودية المتورطة في حرب مكلفة في اليمن، ولديها مشاريع إصلاح اقتصادي طموحة، وتراجع أسعار النفط، قد لا تجد المال الكافي لدعم النخبة الجزائرية الحاكمة، ما سيضيف إلى أعبائها والتزاماتها المالية تجاه مصر والدول العربية الأخرى”.
ويفيد كافيرو بأنه “علاوة على هذا كله فإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعاني من مشكلة في السمعة في الجزائر، وتظاهر الجزائريون ضد زيارته إلى الجزائر في العام الماضي، وتجاهله المسؤولون الجزائريون، وليس من الواضح إن كانت الرياض قادرة على إقناع الرئيس دونالد ترامب بدعم الجيش الجزائري”.
ويعتقد الباحث أن “السيناريو الأسوأ من المنظور السعودي هو ظهور نظام سياسي معاد للوضع القائم في الجزائر، وتخشى الرياض من صعود الإسلاميين بالطريقة ذاتها التي شهدتها مصر في الفترة ما بين 2011 و2012، خاصة في ظل غضب الشارع العربي من تقارب بعض الدول العربية مع إسرائيل”.
06/04/2019