رضا حمد الله:
إختفى وتوارى زعماء سياسيون مغاربة عن الأنظار منذ مدة طويلة دون أن يظهر لهم أثر أو يحركوا ساكنا حيال التطورات السياسية التي عرفها البلد. ويبدو أنهم ابتلعوا ألسنتهم، أو أصيبوا ب”اللقوة” مجهولة الأسباب، والمانعة لخرجاتهم التي ألفهم المواطنون عليها منذ بداية ظهورهم السياسي.
كثيرون منهم اختفوا وقد تصبح أسماؤهم في قائمة المختفين ليس في برامج تلفزيونية أو إذاعية مختصة، إنما في نظر مواطنين استغربوا إصابتهم بالبكم في ظروف وحيثيات قد تكون وراء اختفائهم الغامض، واختيارهم منطق “كم حاجة نقضيها بصمتنا” أو غض الطرف و”سبق الميم ترتاح”.
حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، أحد تلك الشخصيات السياسية التي انطفأ بريقها بعدما كان مصدر تحريك للرأي العام طيلة عقود منذ بزغ نجمه نقابيا وسياسيا ولد من رحم معمل سيميف بفاس، واحدة من الشركات الكبرى في شمال إفريقيا التي وئدت كما توأد آمال وأحلام تغيير نبتت منها.
لم يعد شباط كما كان جامعا لآلاف المناصرين والأتباع والمتتبعين ومصدر “بوز” للصفحات والمواقع الإلكترونية والصحافية بأنواعها، بل أصبح مجرد اسم من ماضي سياسي، بعدما اختار حياته الشخصية على الخوض في مواضيع وإشكالات سياسية طالما شغلت اهتمامه، لأسباب وحده العالم بها.
لم يعد شباط يخوض فيما استجد أو ظهر من تطورات سياسية، ولم يعد نقطة ضوء يسلط عليها الاهتمام الإعلامي، وليس الوحيد في ذلك، بل هناك سياسيين آخرين من أحزاب أخرى أصيبوا ب”اللقوة” في انتظار علاج ناجع لصمتهم غير مفهوم الأسباب كما التواري الغامض والابتعاد الكلي أو الجزئي عن عالم السياسة.
ومنهم إلياس العماري زعيم الأصالة والمعاصرة السابق الذي سلم المشعل لحكيم بنشماس الذي عرف الحزب في عهده أكبر هزة وشرخ ينذر بتطورات خطيرة ومثيرة. وهو الذي ابتلع لسانه حتى أمام ما يعيشه حزب تولى أمانته العامة قبل الإطاحة به، فيما يبدو عدم رضى بالسقطة والهزيمة تماما كحميد شباط.
الشخصيتان معا ولدتا من رحم المعاناة، الأول من انتفاضة فاس في التسعينات، والثاني من بين مخلفات زلزال الحسيمة الطبيعة منتصف العقد الأول من القرن الحالي. وهما معا لم ينبسا بكلمة أو يدليا بموقف منذ سقطتيهما المدوية اللتين أبعدتاهما عن عالم السياسة، طواعية أو مرغمين على ذلك.
أمثالهما وغيرهما كثير من السياسيين المتوارين، لا يفهم الرأي العام “لقوتهم” وسكوتهم المطبق بعدما كانا أكثر إثارة للجدل كلما حانت فرصة خوضهما في قضية سياسية معينة، حتى أن لقاءات تنظيمية وجماهيرية حطما فيها أرقاما قياسية في استقطاب المناصرين الذين يبدو أنهم كانوا من ورق مقوى تبلل بعرق الخجل.
20/06/2019