تقع العلاقات بين المغرب وفرنسا في شباك أزمة عميقة تتجاوز حدود الصمت إلى بروز معالم تقربها من الحافة أكثر، وأحيانا تفرز تصرفات ذات طابع انتقامي مثلما حدث مؤخرا مع معرض في مدينة مونبوليي، حيث تم نشر خريطة العالم ضمت جميع الدول باستثناء المغرب.
وأقدم منظموا معرض في مونبوليي الفرنسية على نشر خريطة للعالم استثنوا منها المغرب بصفة نهائية. وتضم الخريطة كل دول العالم، إذ تم صبغ كل أراضي دولة بلون علمها، إلا المغرب فقد تم صبغه باللون الأخضر، وهو أحد الألوان المكونة للعلم الجزائري.
ولم يكتفي المنظمون باستثناء المغرب فقط بل عمدوا إلى تمييز الأقاليم الصحراوية للمملكة بلون أزرق في إشارة منها إلى عزلها أو ربما أنها دولة، في فعل استفزازي يترجم حالة التوتر.
الحادث أثار اندهاش الكثير من المغاربة الذين زاروا المعرض وشاهدوا الخريطة الكبيرة في قاعة المعرض. وتحول الاندهاش إلى استياء، حيث كتبت الجريدة الرقمية الفرنسية “أكتياليتي” منذ أيام أن “هذا الخطأ في الخريطة الذي استثنى المغرب استمر 11 يوما”.
ولم تعد الأزمة بين المغرب وفرنسا صامتة بل أصبحت علنية، ورغم أنه لا توجد تصريحات نارية من هذا الطرف أو ذاك، إلا أن بعض الإجراءات تعكس هذه الأزمة. فقد سحبت فرنسا سفيرتها من الرباط خلال شهر شتنبر الماضي، دون تعيين أي سفير خلفا لها. وبعد مرور أيام، قام المغرب بدوره “بسحب” سفيره محمد بنشعبون من باريس وتكليفه بمهام اقتصادية جديدة.
في الوقت ذاته، يعلن المغرب أنه سيقوم بتهميش الفرنسية لصالح الإنكليزية، ويعد الإجراء سهما في قلب الفرنكفونية لأن المغرب ورغم انتشار اللغة العربية، تبقى الفرنسية لغة النخبة والاقتصاد والإدارة وتدريس المواد العلمية في جامعاته.
وتحاول فرنسا توجيه ما يمكن وصفه بضربات تحت الحزام ضد مصالح فئة هامة من المغاربة وأساسا النخبة، إذ استغلت تأخر المغرب في قبول بعض المهاجرين غير النظاميين الذين كانت تعتزم طردهم لتحرم عشرات الآلاف من المغاربة من التأشيرة، بمن فيهم وزراء سابقون، ومثقفون محسوبون على الفرنكفونية.
طارق غانم :
24/10/2022