قبل تحرير سعر صرف الدرهم بالمغرب، كانت الأزمات الاقتصادية الدولية الناتجة عن تقلبات الدولار وقيمته السوقية، جد متحكم فيها، وكان المستهلك المغربي قلما يتأثر بهذه التقلبات.
بعد رفع قيود كورونا، تنفس الاقتصاد المغربي الصعداء على أمل تحقيق نقلة نوعية، لكن الأزمة الدولية الناتجة عن الخلل الذي أصاب سلاسل توريد السلع، والارتفاع غير المسبوق الذي سجل في أسعار نقل البضائع جعل المغاربة يشعرون لأول مرة بفرق السعر المعمول به في السوق الدولية وبين السعر المحمي من طرف الجهات المختصة بالمغرب.
لكن الوضع سيستفحل بعد الحرب الأوكرانية الروسية، وأسعار المحروقات في السوق الدولية.
لأول مرة يتم تسجيل زيادة ما بين 6 دراهم و7 دراهم في أسعار ليصانص والمازوط لتقفز إلى 17 درهم، وقضى معظم أفراد الطبقة المتوسطة عطلتهم الصيفية، تحت نير الارتفاع المهول لأسعار المحروقات الذي حد هذه السنة من تحركاتهم وإسفارهم.
بعد الاستقرار النسبي لسعر برميل النفط في السوق الدولية، لاحظ المستهلك المغربي أن سعر ليصانص والمازوط رفضا الرجوع إلى سعرهما الأصلي إلى ما قبل الأزمة الروسية الاوكرانية، والسبب هو الصعود المتواصل لسعر الدولار، الذي يصل في السوق السوداء عند التجار والمستوردين المغاربة الى 12 و13 درهم. علما ان بنك المغرب يحدد سعره في 11 درهم.
قبل تحرير الدرهم كان سعر الدولار لا يصل لسقف 10 دراهم في أحلك الأزمات التي شهدها الاقتصاد الدولي، لكن اليوم صارت أسعار السلع والمواد الأساسية المستوردة من الخارج، كلها محكومة بمنطق الدولار.
ولا تستطيع اية حكومة مهما كانت حنكتها ان تدعي قدرتها على ايجاد حلول لخفض الأسعار.
لقد كان لقرار تعويم الدرهم أثره المباشر على أسعار السلع والمواد التي يستهلكها المغاربة بكثرة، لكن الشيء الذي لم يتم الانتباه إليه من طرف مدبري القرار النقدي بالمغرب، مسالة مصادر دخل غالبية المغاربة التي تحتسب بالدرهم، بينما الأسعار باتت تحتسب بالدولار.
حسابيا فان رواتب المغاربة في النقصان بينما الدولار آخذ في التصاعد وهنا مكمن الداء وأساس معضلة ارتفاع الأسعار.
عبد الإله سخير :
31/10/2022