تمر العلاقات المغربية الفرنسية منذ مدة ليست بالقصيرة بأزمة لم تعد صامتة بفعل ما رشح عنها من معلومات وما أفادته مؤشرات متنوعة تعبر عن عملية شد وجذب حاصلة بين البلدين، في المقابل دفء في العلاقات بين باريس والجزائر تكللت بزيارة الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون إلى الجزائر في غشت الماضي ولقائه بنظيره عبد المجيد تبون، بينما ما يزال لقاء ماكرون والملك محمد السادس معلقا إلى حين التوافق وإيجاد أرضية تفاهم بين الجانبين وتجاوز حالة التوتر التي ترخي بظلالها على البلدين لعل أبرزها رفض أغلبية طلبات التأشيرات المقدمة إلى القنصليات الفرنسية من طرف المغاربة الراغبين في السفر، واللعب الفرنسي المكشوف على ملف الصحراء.
ويبحث “الإيليزيه” تسجيل أهدافه في مرمى البلدين واستخلاص مكاسب سياسية كانت أم اقتصادية لإرجاع العلاقات طبيعية بين باريس والجزائر من جهة، ومع الرباط من جهة ثانية. وبالضبط ذلك ما كشفته وكالة “سبوتنيك” الروسية، نقلا عن مصادرها، أن فرنسا عادت إلى الجزائر بغرض البحث عن إمدادات غاز فقط، أما بخصوص المغرب، ووفقا لذات المصدر، فإن باريس تحاول بشكل مستقبلي، كسب المزيد من الطاقة من المغرب عبر مشروع خط الغاز النيجيري.
الوكالة أشارت إلى أن باريس، تخشى خسارة أي من البلدين في ظل خروجها من أفريقيا الوسطى وما سبقه من خروج من غرب أفريقيا، مشيرة إلى أن العودة الفرنسية للدولتين المغاربيتين، تأتي في إطار بحث باريس عن مصالحها الذاتية أولا، في ظل الأزمة العالمية، في وقت يظل الموقف الفرنسي مع الجارتين محل ترقب، خاصة في ظل الخلافات القائمة بينهما.
العلاقات مع فرنساـ تضيف الوكالة لن تعود إلى طبيعتها إلا في حال وضوح الموقف الفرنسي من سيادة المغرب على كامل أراضيه، بحسب ما أعلنه الملك محمد السادس في خطابه السابق بشأن ميزان العلاقات الخارجية مع الدول الذي يتصل بشكل مباشر بمواقف هذه الدول من “قضية الصحراء”، موضحة أنه “بالمقابل ورغم الترحيب الجزائري بعودة العلاقات، فإن الجزائر تترقب أي خطوة من باريس، وتسعى لمواقف مساندة لموقفها الداعم لجبهة البوليساريو”.
وأمام الوضع المتوتر بين البلدين، فإن العلاقات الثنائية، تجعل باريس في موقف قد لا تخرج فيه عن موقفها القديم الذي يتوافق مع القرارات الأممية، وهو ما أشارت إليه وزيرة الخارجية في المؤتمر الصحفي مع وزير الخارجية ناصر بوريطة.
وبخصوص التعاطي الفرنسي مع ملف الصحراء المغربية، فالخطاب الدبلوماسي المغربي بعد الحصول على الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء ودعم الولايات المتحدة الأميركية الصريح لحل ضمن السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، دفع الرباط دفعا قويا إلى مطالبة شركائها بمواقف أكثر تقدما بما يتلاءم مع الوضعية الجديدة ويتناسب وطبيعة المصالح المشتركة والموقف المنتظر.
الخطاب الدبلوماسي المغربي أحدث تغيرا في المفردات المستعملة والحدة في الموقف من حالة السكون الذي ظلت عليه مواقفها على الرغم من التغيرات الحاصلة في قضية إشكالية بالنسبة للمغرب، إذ طالب أكثر من مرة بضرورة الخروج من وضعية “المنزلة بين المنزلتين” أو مغادرة المنطقة الرمادية، وظل ذلك هو الخيط الناظم لتصريحات وزير الخارجية ناصر بوريطة في سجاله المستمر.
كواليس الريف: متابعة
22/12/2022