حمزة المتيوي :
في الوقت الذي حاولت فيه فرنسا إمساك العصا من المنتصف، لإحداث التوازن في العلاقة بين المغرب والجزائر، أدت سياساتها التي يقودها إيمانويل ماكرون إلى الإخلال بهذا التوازن بشكل غير مسبوق لدرجة وصول العلاقات الدبلوماسين معهما إلى الحضيض، هذا هو الاستنتاج الذي تجمع عليه أو تكاد وسائل الإعلام الفرنسية، بما في ذلك شبكة TV5 التي تحدثت عن فشل باريس في إرضاء الرباط قبل أن تغضب الجزائر أيضا.
وقالت الشبكة في تحليل بعنوان “المنطقة المغاربية: التوازن الخطير للدبلوماسية الفرنسية”، إن استدعاء السفير ليست بادرة تافهة ولا خطوة معتادة، مشيرة، على لسان بيير فيرمين، المؤرخ والأستاذ الجامعي بجامعة السوربون المتخصص في قضايا المغرب والمنطقة المغاربية، أن غياب السفراء عن فرنسا “إشارة قوية جدا مُرسلة إلى باريس بخصوص دبلوماسيتها”، في إشارة إلى استدعاء الجزائر لسفيرها، ثم صدور إعلان وزارة الخارجية المغربية الذي يؤكد إنهاء مهام السفير محمد بن شعبون بأمر ملكي.
وأكدت TV5 أن توجه وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا إلى الرباط، منتصف شهر دجنبر الماضي، حيث التقت بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، كان يحمل “رسالة استرضاء للمغرب”، وسط تصور بأن الرئيس إيمانويل ماكرون سيقوم بزيارة رسمية إلى المملكة في الربع الأول من العام الجاري، وهي الزيارة التي لم تحدث إلى الآن.
لكن ما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، حسب الشبكة، هو تصويت البرلمان الأوروبي على تقرير يدين تدهور حرية الصحافة بالمغرب، ما دفع الرباط إلى اعتبار أن الأمر يتعلق بخطوة مدبرة مناهضة لها، من قبل حزب النهضة، وهو الاسم الجديد لحزب “الجمهورية إلى الأمام” الذي أسسه ماكرون، والذي يعد من الأحزاب الرئيسية في بروكسيل.
والمثير في الأمر، هو أن التحليل يشير بوضوح إلى أن المبادرة أتت من طرف مقرب من الرئيس إيمانويل ماكرون، الأمر الذي تأكد على لسان كريستيان كامبون، رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية في مجلس الشيوخ، الذي استنكر هذه الخطوة، مبرزا أن البلدين “كانا في طور الخروج من أزمة حادة مرتبطة بسياسة التأشيرات، ثم انقلبت الأمور رأسا على عقب”.
وتؤكد الشبكة أن رحلة ماكرون إلى الرباط حاليا أصبحت “بعيدة كل البعد”، حيث إن المغرب لم يعد يتوفر على سفير في باريس ولم يتم تعيين بديل له، لكن في “الإليزي” يواصلون العمل على هذه الزيارة، وينفون وقوع أي أزمة بين البلدين، في حين تتحدث وزارة الخارجية الفرنسية عن “الشراكة الاستثنائية” بين الدولتين، في إشارة إلى حالة الإنكار التي يعيشها المسؤولون الفرنسيون.
وحسب المصدر نفسه، فإن قرار البرلمان الأوروبي ليس هو المشكلة الوحيدة، فبين البلدين نقاط خلاف أخرى، مثل المزاعم المتعلقة بالتجسس المغربي على هواتف المسؤولين الفرنسيين بواسطة برنامج “بيغاسوس” والشيكات المدافعة عن المصالح المغربية، وقبل كل شيء، نفاذ صبر الرباط تجاه باريس لأنها لا تميل إلى تغيير موقفها بخصوص قضية الصحراء، وهو الشيء الأساسي بالنسبة للمملكة، فحسب فيرميرين ما يُراد من الفرنسيين هو الاعتراف الصريح بالسيادة المغربية على المنطقة، على غرار ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا.
ونشرت الجريدة الرسمية المغربية، في عددها الصادر بتاريخ 2 فبراير 2023، بلاغا لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، صادر بتاريخ 19 يناير 2023، يتم بموجبه إنهاء مهام محمد بنشعبون كسفير للمغرب لدى فرنسا بتعليمات من الملك محمد السادس، علما أن العاهل المغربي عين بنشعبون مديرا عاما لصندوق محمد السادس الاستثمار بتاريخ 19 أكتوبر 2022.
20/02/2023