kawalisrif@hotmail.com

فرنسا تريد حصر تنامي النفوذ المغربي في إفريقيا بأي طريقة

في حمأة الأزمة وتكهنات مستقبل يوصف بـ”القاتم” في العلاقات الفرسية المغربية، تبرز الأسئلة الفخ، هل تخشى باريس أن تفلت الرباط من قبضتها؟، ولماذا تتوجس من مد المغرب لنفوذه الاقتصادي في غرب القارة وشرقها؟ ما هي غايات فرنسا في محاولة تسميم العلاقات المغربية مع الاتحاد الأوروبي والزج بالبرلمان الأوروبي في الملف؟، أسئلة تولد أسئلة أخرى أكثر تعقيدا ودون إجابة واضحة، ففرنسا الرسمية صامتة تارة ونافية تارة أخرى، لوجود أزمة مع الرباط التي تشهر ورقة التصعيد في وجه الإيليزيه عبر إنهاء مهام سفيرها هناك، بالتزامن مع التحرك الفرنسي من وراء الستار في البرلمان الأوروبي ضد المغرب.

هي علاقات مسمومة إذن وبلغت درجات التوتر مستويات قصوى وغير مسبوقة، لكن الجوهري فيها، وفق محللين، هذا التوجس الفرنسي من تفتت “فرنسا الإفريقية”، حيث دشنت كثير من دول القارة التي رزحت تحت قيود الاحتلال الفرنسي في مطلع القرن الماضي، وفي ذلك خشية فرنسا من ضياع مكانتها الدولية على اعتبار أن روابط فرنسا مع مستعمراتها الإفريقية ماتزال إلى اليوم تخدم رأس المال المادي الفرنسي الاقتصادي والسياسي والأمني، بيد أن تلك العلاقات لم تعد تغذي القوة الرمزية الفرنسية أو رأسمالها الاجتماعي كأساس للمكانة في المجتمع الدولي؛ ذلك أنه في ظل فهم السياسة الإفريقية الراهنة لفرنسا أداة لسياسات القوة الحديثة والبحث عن مكانة في السياسة الدولية، ما يعني أن التمسك بالنفوذ في إفريقيا واستعادة صورة القوة العظمى المرتبطة به أضحى مصدر قلق رئيسي لفرنسا.

القلق الفرنسي تحوّل مع الزمن إلى حالة انزعاج من الدور المغربي المتصاعد في إفريقيا، ذلك بالضبط ما تسرَّب عبر بعض المصادر، عن المدير العام للأمن الخارجي الفرنسي (الاستخبارات الفرنسية الخارجية)، بيرنار إيمي، بأنه منزعج من النفوذ المغربي في منطقة شمال إفريقيا، وأنه لا يقبل بأن يتكرر النموذج التركي في شمال القارة. قلق تنظر إليه باريس تحدياً من طرف الرباط اقتصادياً وثقافياً وعسكرياً ودبلوماسياً لفرنسا ونفوذها في المنطقة، وفي غرب إفريقيا تحديداً.

التوجس الفرنسي من بسط المغرب لأذرعه الاقتصادية والعلاقات التجارية ليس وحده سبب الأزمة، حيث يبرز الملف الأمني بما له من ثقل في هذا القلق، فقد أصبحت خدمات الاستخبارات المغربية لدول إفريقيا، ودورها في مكافحة الإرهاب، وتقديم معلومات عن عدد من الهجمات، بما في ذلك تلك التي تستهدف العواصم الأوروبية، مصدرَ انزعاج كبير من قِبل الاستخبارات الفرنسية، إذ أضحت الخبرة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود مصدر إلهام وطلب لعدد من الدول الأوربية والإفريقية، وازداد القلق أكثر من تزايُد وتيرة الغضب الإفريقي من الوجود الفرنسي، وتواتُر طلبات بمغادرة القوات الفرنسية لأراضي الدول الإفريقية، والاستغناء عن خدماتها، كما حصل في إفريقيا الوسطى ومالي وبوركينافاسو

العلاقات الوثيقة بين فرنسا وإفريقيا في حزام يمتد من المغرب في الشمال الغربي إلى مدغشقر في الجنوب الشرقي، بات اليوم مهددا بطرد باريس التي ترقب حجم التهافت الدولي والتسابق على مناطق النفوذ بين القوى الكبرى، من واشنطن إلى موسكو إلى بيكين..وهذا يعني أن ما كان حديقة خلفية لفرنسا بات في أيدي كبار العالم، وما يزيد من حالة القلق الفرنسي، سعي المغرب إلى التحرر من رواسب الماضي وبقايا عهد الحماية والتعويل على الرشيك الأوروبي خاصة الفرنسي في قضايا المملكة الكبرى، حيث لم تجد الرباط حرجا في تعديل بوصلة خياراتها الاستراتيجية والاستدارة قليلا نحو الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وإسرائيل.

وبالرغم من مواصلة فرنسا لدورها المركزي في إفريقيا، إلا أن قوتها ونفوذها أخذا يتراجعان بشكل ملحوظ، حيث تظهر واشنطن منافسًا لفرنسا في مناطق تعتبر معاقل تقليدية لنفوذها في القارة الإفريقية. فقد “تمكنت الولايات المتحدة بفاعلية من تعزيز موقعها في شمال وغرب إفريقيا، واستطاعت أن تكون الحليف الأول عسكريا وأمنيا لدول المغرب العربي، مزيحة بذلك فرنسا عن الرتبة الأولى في منطقة كانت تعتبرها محضنًا أساسيا لنفوذها السياسي والعسكري والثقافي، أيضا الصين التي تعد الآن أكبر ممول ثنائي للبنية التحتية في إفريقيا، متجاوزة بذلك بنك التنمية الإفريقي (ABD) ، والمفوضية الأوروبية، وبنك الاستثمار الأوروبي، كما تبرز الصين كأكبر مانح للمساعدات الأجنبية لإفريقيا في مجالات مثل دعم الميزانية والإقراض القائم على المشاريع كما يتضح من إنشاء منتدى التعاون الصيني الإفريقي. وهكذا، بفضل قوتها التنموية أساسًا تحقق الصين حضورًا وازنًا في القارة الإفريقية، هذا إذا ما أضفنا تركيا التي العمل بأقصى قوتها القصوى من أجل وضع موطئ قدم في إفريقيا سيما أن الأفارقة صاروا يرون فيها شريكًا ناشئًا جديرًا بالثقة أمام تردي مصداقية الوصاية الفرنسية.

كواليس الريف: متابعة

24/02/2023

مقالات ذات الصلة

11 ديسمبر 2024

لتفادي إبتزازات موريتانيا … التوقيع على اتفاق لإطلاق خط بحري أكادير-دكار لتصدير السلع المغربية إلى العمق الإفريقي

11 ديسمبر 2024

ألمانيا ترفض عودة السوريين الذين يعملون في مجالات شاقة إلى بلادهم

11 ديسمبر 2024

حجز 3.6 طن من الحشيش بميناء الدار البيضاء

11 ديسمبر 2024

البراءة لمغربي في هولندا ، كان المدعي العام طالب بسجنه سنتين بتهمة الإعتداء على مشجعين إسرائيليين

11 ديسمبر 2024

مناقشة قانونية غرامات التأخير على أداء فواتير الماء والكهرباء في البرلمان

11 ديسمبر 2024

بسبب غياب الإنارة ودوريات الأمن … إستفحال ظاهرة سرقة منازل أفراد الجالية بجماعة آيت يوسف وعلي بالحسيمة

11 ديسمبر 2024

إضرام النار في قبر الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد

11 ديسمبر 2024

العضو الجماعي “ولد ربيعة” يقيم مأدبة غذاء فاخرة على شرف رئيس جماعة وجدة إمتنانا على تخصيص له تصيب من المال العام

11 ديسمبر 2024

عبد اللطيف لمزرع الكاتب المحلي لحزب التقدم والاشتراكية بالناظور ينجح في مباراة “أستاذ بكلية آسفي”

11 ديسمبر 2024

فيديو : خوفا من إغتياله … مقاتلات جزائرية ترافق طائرة “تبون” في رحلتها إلى موريتانيا

11 ديسمبر 2024

مطالب سكان جماعة تمسمان بالدريوش … مشاريع تنموية ضرورية لفك العزلة وتحسين الخدمات الأساسية

11 ديسمبر 2024

تشجيع السياحة بإقليم الحسيمة … ضرورة عمل جاد وليس مجرد وعود !

11 ديسمبر 2024

عامل إقليم الدريوش يحط بجماعة ثلاثاء بوبكر للإجتماع مع المجلس المحلي

11 ديسمبر 2024

ساكنة بجماعة أيت يوسف وعلي بالحسيمة تستنجد العامل للحيلولة دون الترامي على أراضيهم من طرف البرلماني الحموتي لإنجاز مشروع في إقليم مجاور !

11 ديسمبر 2024

لقجع: 11 ديسمبر 2024 محطة تاريخية للمغرب في سعيه لاستضافة مونديال 2030