تشهد العلاقات بين الرباط ولندن تطورات متسارعة تشير إلى وجود مساعي لإحداث تقارب كبير بين الطرفين في مختلف المجالات، خاصة بعد ميل بريطانيا نحو تعزيز علاقاتها مع بلدان أخرى على إثر خروجها من الاتحاد الأوروبي، وكانت المملكة المغربية من أولى وأبرز الوجهات الدولية التي قصدتها لندن.
وفي إطار مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وبريطانيا والتنسيق الثنائي في القضايا الدولية والإقليمية، كان لوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في اليومين الأخيرين، مباحثات مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا والأمم المتحدة، اللورد طارق أحمد لويمبلدون، حول عدد من القضايا الدولية والإقليمية.
وتأتي هذه المباحثات ضمن المساعي الديبلوماسية المغربية، لدفع لندن لاتخاذ موقف سياسي لصالح المغرب في قضية الصحراء، في ظل المناخ السياسي المساعد في الفترة الأخيرة، خاصة بعد الاعتراف الأمريكي، ثم الاعتراف الإسرائيلي في 17 يوليوز الماضي، بالإضافة إلى الخطوات الإيجابية التي اتخذتها دول أوروبية بدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، على غرار إسبانيا.
وتوجد مؤشرات تمهد إلى قرب إعلان لندن اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، من أبرزها قرار محكمة الاستئناف بلندن الذي أصدرته في ماي الماضي، والقاضي برفض طلب استئناف تقدمت به منظمات غير حكومية داعمة للبوليساريو “WSC”، من أجل إبطال اتفاق الشراكة الذي يربط المغرب ببريطانيا بتاريخ 30 دجنبر 2020.
وحسب صبري الحو، الخبير في القانون الدولي وقضايا الهجرة ونزاع الصحراء، فإن قرار المحكمة البريطانية يحظى “بأهمية قصوى، قضائية وسياسية في نفس الأمر”، فهو “حكم نهائي اكتسب حجية الشيء المقضي به، وفصّل في جوهر الدعوى برفض طلبات البوليساريو، ولم يقف عند حدود الشكل، وهو ما يعدم أية مزاعم بالتمثيلية والصفة والمصلحة على السواء.
ووفق ذات المتحدث، في مقال نشره على موقع “الصحيفة”، فإن أثر تنفيذ الحكم والقرار الصادر عن محكمة بريطانيا “يمتد إلى السياسة الخارجية لبريطانيا، لأنه أصبح عنوانا للحقيقة. ولهذا فإن بريطانيا مفروض عليها أن تتعامل مع المغرب باحترام سيادته الكاملة، وأن تبرم معه اتفاقات يسري مجال ونطاق تنفيذها على كل وكامل الإقليم المغربي بما فيه الصحراء المغربية، ولا يؤثر في ذلك كون المنطقة هي أو كانت محل النزاع، فالتمييز في الإقليم المغربي غير جائز وغير مقبول.”
وبالإضافة إلى هذا الحكم، فإن مؤشرات أخرى متعلقة بالاقتصاد تشير إلى اقتراب بريطانيا من اتخاذ موقف داعم للمغرب في قضية الصحراء، خاصة بعد توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين الرباط ولندن عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث تعول بريطانيا على المملكة المغربية في تعويض المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والحصول على حاجياتها، خاصة من المنتوجات الفلاحية.
كما أن بريطانيا تخطو خطوات سريعة نحو تقوية العلاقات مع المغرب في مجال الطاقة، ويُتوقع في السنوات المقبلة أن يُعلن البلدان عن افتتاح مشروع أطول “كابل” بحري لنقل الكهرباء من المغرب إلى بريطانيا، ما يعني أن العلاقات الثنائية بين الطرفين ستكون متينة على أكثر من صعيد.
كواليس الريف: متابعة
05/08/2023