هدد “نادي قضاة المغرب” بتقديم المئات من أعضائه لاستقالة جماعية احتجاجا على غياب الأمن المهني للقضاة.
وفي بلاغ لنادي القضاة اصدره بعد لقاء لمجلسه الوطني أمس السبت 16 دجنبر 2023، دورته العادية الثالثة في إطار ولايته الحالية ،
أن “نادي قضاة المغرب” يتبنى “بلاغ المكتب التنفيذي الصادر بتاريخ 25 نونبر 2023. ويسجل، بقلق شديد، تدني مستوى الشعور بـ “الأمن المهني” لدى عموم القضاة، نتيجة التزايد المطرد في فتح مساطر تأديبية بسبب: أخطاء قضائية تُصَحَّحُ عبر طرق الطعن القانونية، أو أمور لا تشكل إخلالا مهنيا من الأصل، أو أخطاء مادية ناتجة عن ضغط العمل وكثرة القضايا، أو عدم مراعاة مبدأ “التناسب” بين الفعل والعقوبة المنصوص عليه صراحة في مستهل المادة 99 من القانون .
وأكد في هذا الصدد، أن “كل زعزعة لثقة القضاة في تدبير وضعياتهم المهنية من شأنه التأثير على اطمئنانهم بما قد يمس، بشكل غير مباشر، باستقلاليتهم واستقلالية السلطة القضائية التي يمثلونها”.
وأعلن نادي القضاة أن “رغبة العديد من القضاة في مغادرة المنصب القضائي هي نتيجةٌ مباشرة لتدني مستوى الشعور بـ “الأمن المهني” لديهم”.
وكشف البلاغ أنه قد تم تكليف “المكتبَ التنفيذي بإعداد وثيقة: “المطالبة بتحصين الأمن المهني للقضاة” وعرضها على أنظار المجلس الوطني في دورته المقبلة وفق ما سيعلن عنه لاحقا، مع دعوة جميع قضاة النادي لحضور الجلسة الافتتاحية لهذه الأخيرة من أجل اعتمادها”.
وعبر “ارتباطا بما سلف، وعلاقة بحالة الأستاذ عفيف البقالي، تضامنه اللامشروط معه، نظرا لنزاهته واستقامته وكفاءته ودفاعه عن استقلالية السلطة القضائية”.
وأكد على “موقفه الراسخ من أن القضايا ذات الأولوية، في الوقت الراهن، هي العمل على الرفع من مؤشرات النزاهة والاستقامة والجدية والشجاعة والاستقلالية، والحرص على مكافأة حاملي هذه الخصال من القضاة، والاستثمار فيها كرأسمال غير مادي داخل السلطة القضائية”.
وعبر عن استعداده ل”سلوك كل ما يراه ملائما من الأشكال التعبيرية لتحصين “الأمن المهني” لدى القضاة. ويشير، في هذا السياق، أن من بين النقط التي ناقشها نقطة مؤداها: تقديم استقالات جماعية لأعضاء الأجهزة الوطنية لـ “نادي قضاة المغرب” (المكتب التنفيذي والمجلس الوطني) من تسيير هذا الأخير، كتعبير عن القلق من حالة الاحتقان التي تعم الوسط القضائي من جهة، وعن تقليص دور الجمعيات المهنية للقضاة في تفعيل مبدأي التعاون والتشارك في تنزيل مخططات الإصلاح من جهة أخرى. وقد تقرر، بعد المناقشة، إرجاء البت في هذه النقطة إلى حين عقد الدورة المقبلة”.
وأعلن نادي قضاة المغرب عن تنظيمه “ورشة علمية لتقييم النظام القانوني للطعون في مقررات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ودراسة ما إذا كانت الحاجة ماسة إلى إحداث مجلس للدولة من عدمه، انسجاما مع الإرادة الملكية السامية المعبر عنها بمناسبة افتتاح أشغال المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 15 دجنبر 1999”.
2- بالنسبة لعمل إدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية
وأعلن أيضاً أنه، “وإيمانا منه بضرورة تعاون وتشارك الجمعيات المهنية للقضاة في تنزيل مخططات الإصلاح، وإبداء منه لحسن نيته في توفير الظروف الملائمة لذلك، اختار، ولمدة سنة ونصف (من شهر يوليوز 2022 إلى الآن) التواصل مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن طريق تقديم مقترحاته وتصوراته دون نشرها للرأي العام القضائي، إلا أن مراسلاته وكتبه وتقاريره بقيت دون أي جواب إلى حدود الآن، خلافا لما جاء في الإجراء 56 من المخطط الاستراتيجي للمجلس نفسه، رغم طلب مآل ذلك بتاريخ 08 ماي 2023”.
ودعا، في هذا الصدد، “إدارة المجلس المذكور إلى التعاطي بجدية مع ذلك، تفعيلا لخطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش المجيد، والذي حث فيه على اعتماد هذه القيمة مذهبا في كل المجالات، بما في ذلك المجال الإداري.
ت- يوصي، تبعا لذلك، المكتب التنفيذيَ بنشر تلك المراسلات والكتب والتقارير وفق جدولة زمنية وفق ما يراه ملائما لمصلحة القضاء”.
وأشار إلى أنه “يلاحظ التأخير الكبير في تبليغ نسخ المقررات المعللة الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى القضاة المعنيين بها، وهو ما قد يؤثر سلبا على ممارسة حقهم الدستوري في الطعن فيها طبقا للفصل 114 من الدستور، لا سيما وأن الأجل القانوني لذلك لا يتعدى 30 يوما. ويدعو، في هذا السياق، إدارة المجلس المذكور إلى معالجة هذه الإشكالية في أقرب الآجال”.
وسجل نادي قضاة المغرب في بلاغه، أيضا، “عدم مواصلة نشر المقررات التأديبية الصادرة عن ذات المجلس في موقعه الرسمي بعد كل دورة، تطبيقا للمادة 60 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأن ما نشر إلى حدود الآن هو ما تم نشره في أول مرة شهر يناير 2022. ويدعو، بهذا الخصوص، إدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية نشر كل المقررات الصادرة في المادة التأديبية، وذلك دعما لقيم الشفافية والمصلحة العامة من جهة، وإحاطة القضاة علما بالتوجهات السلوكية للمجلس من جهة أخرى”.
ورصد “مكاتبةَ إدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية للسادة المسؤولين القضائيين، تطلب منهم حث القضاة على ضرورة تضمين أحكامهم بالتطبيق المعلوماتي (SAJ2) المعد لذلك، وإلا عُدُّوا غير محررين لأحكامهم ولو أن هذه الأحكام تم إيداعها موقعة، فعليا، لدى مصلحة كتابة الضبط بعد الانتهاء مباشرة من إجراءات الجلسة التي تم النطق فيها بتلك الأحكام، وذلك خلافا للمقتضيات القانونية الإجرائية الجاري بها العمل. ويخبر، بهذا الشأن، أنه سبق وأن كاتب المجلس الأعلى للسلطة القضائية في الموضوع مرتين، الأولى بتاريخ 06 يوليوز 2022، والثانية بتاريخ 17 يوليوز 2023، وبقي الكتابان دون جواب”.
وجدد تأكيده، في هذا الباب، على أن “إجراء تضمين الأحكام القضائية معلوماتيا ليس من المهام القضائية، وإنما هو أمر تقني موكول حصرا للإدارة القضائية ولا علاقة له بالقضاة. ويدعو، تبعا لذلك، عموم أعضائه إلى عدم القيام بأي مهام تقنية إدارية لا تدخل ضمن اختصاصاتهم القضائية”.
أما بالنسبة لنتائج المجلس الأعلى للسلطة القضائية، جدد نادي قضاة المغرب تأكيده على “ضرورة احترام مسطرة الاقتراح للتعيين في مهام المسؤولية القضائية، والمنصوص عليها في المادة 71 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما تم تعديلها وتتميمها، خصوصا فيما يتعلق بالإعلان عن المناصب الشاغرة، وتلقي طلبات الترشح من طرف القضاة، ضمانا لمبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية والحياد والسعي نحو المناصفة، تطبيقا للمادة 65 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية”.
وأضاف البلاغ: “يلاحظ، في هذا الصدد، وحسب الثابت من الجزء الثاني من نتائج أشغال المجلس برسم دورة يناير 2023، وبالرغم من تخفيف عبء المسطرة المنصوص عليها في المادة 71 أعلاه بعد تعديلها وتتميمها، عدم إعمال هذه المسطرة بالمرة، إذ تم اقتراح التعيين في بعض مهام المسؤولية القضائية، بالرغم من أنه لم يسبق الإعلان عن شغورها طبقا للمادة أعلاه، ولم تُقَدَّم طلبات الترشيح بخصوصها”.
وعبر نادي قضاة المغرب عن تشبثه “بضرورة إعمال الإجراء 36 من المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذي التزم من خلاله هذا الأخير بالتنزيل السليم والعادل والشفاف للمقتضيات أعلاه”.
كما شدد على “ضرورة تفعيل المعايير الموضوعية المنصوص عليها في المادة 72 من نفس القانون عند الاقتراح للتعيين في المسؤولية القضائية، ولا سيما القدرة على التواصل والتأطير والتنظيم والإشراف، لما لذلك من إسهام في توفير الظروف الملائمة للاشتغال داخل المحكمة بعيدا عن أي تشنجات محتملة”.
وبالنسبة لمشروع مرسوم الخريطة القضائية، عبر نادي قضاة المغرب عن استغرابه من “منهجية وضع مشروع مرسوم الخريطة القضائية الذي تمت المصادقة عليه من قبل المجلس الحكومي تنزيلا لقانون التنظيم القضائي الجديد رقم 15.38، والتي غُيِّبت عنها المقاربة التشاركية كمبدأ دستوري منصوص عليه في الفصل 12 من الدستور، خصوصا فيما يتعلق بإشراك الجمعيات المهنية للقضاة”.
مؤكدا على أنه، “ونتيجة لذلك، فقد أسفر الأمر عن اعتماد مقتضيات لم تقدر تداعياتها، خصوصا فيما يتعلق بحذف المحكمتين المتخصصتين الإدارية والتجارية بمكناس بعد تجربة ناجحة عمرها أكثر من 25 سنة، وهو ما قد يؤثر، سلبا، على استقرار جملة من الأوضاع القانونية، وكذا على مبدأ تقريب القضاء المتخصص من المتقاضين المكرس في قانون التنظيم القضائي الجديد، لا سيما وأن ذات المرسوم لم يحدث أقساما متخصصة في القضاءين الإداري والتجاري بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف.
وفي الختام، يؤكد “نادي قضاة المغرب” على التزامه التام بما عاهد عليه السادة القضاة من الدفاع عن استقلالية السلطة القضائية وعن حقوق القضاة وكرامتهم واستقلاليتهم، في انسجام تام مع مقتضيات الدستور والقانون والتوجيهات الملكية السامية، وكذا كل المواثيق والإعلانات الدولية ذات الصلة”.
17/12/2023