في حركة مفاجئة وغير معتادة، غمر وزير العدل عبد اللطيف وهبي نفسه في بحر من الصمت خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ أن أدرك أن ركاب “الجرار” لم يعدوا يثقون بقدرته على القيادة، فبدت طريقته المتهورة تهدد بتحطيمهم على منحدرات الأزمات السياسية المتعددة.
قد يكون وهبي يقاوم هذه الأيام رغبة قوية في التعبير عن آرائه، والرد على خصومه السياسيين والفكريين، ولكن ما الذي جعل وزير العدل، الذي اعتبر دائماً أنه لا يخشى الوقوف في وجه الحق والباطل، يبقى صامتًا؟ ما الذي حجب ألسنة المتحدث الدائم حتى عندما كانت الظروف تستدعي الحكمة في الصمت؟
ترك وزير العدل الذي أشعل نيران التجاذب الحاد بين المحافظين والمتحضرين بشأن تعديلات قانون الأسرة، ساحة المعركة مبكرًا، مما خلف فراغًا في صفوف “التقدميين”، فمن سيتحمل زمام النقاش والدفاع؟ هل يضع وهبي رهانه على قضايا المبادئ مع ضمانات لمستقبله السياسي، أم أنه بحاجة إلى استراتيجية جديدة لاستعادة المشهد؟
عادةً ما يحافظ “القادة الحقيقيون” على وجودهم، حتى في وجه التحديات والضغوط السياسية، ولكن لم يتوقع أحد أن يختفي وهبي بهذه السرعة، وكأنه كان “حلمًا” لم يتحقق، أو ربما “كابوسًا” من الأحلام السياسية التي تحطمت معها آمال الكثيرين.
على الرغم من النقاشات المستمرة، يظل وهبي يفضل الصمت والابتعاد عن جميع القضايا، كما لو أنه قد اعتزل الحزب والسياسة والحكومة، فهل فعلاً لم يعد يهمه أن يُنقي حزبه من فساد “إسكوبار الصحراء”؟ أو أن يدافع بحنكته القانونية عن ما انكشف من فساد في تدبيره للأمور؟ يبدو أن الجميع ينتظر الخطوة التالية، في وقت لم تظهر فيه بعد الترسانة القانونية التي وعد بها وزير العدل
06/03/2024