لم يشكل اعتراف إسبانيا بمغربية الصحراء، وتأييدها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل واقعي وجدي وذو مصداقية لنزاع الصحراء، تحولا تاريخيا للجارة الشمالية للمملكة فحسب، بل بصم بالمقابل على تعاون متميز صبّ في رفع مدريد لمخصصات وبرامج دعم التنمية من 25,5 إلى 51,5 مليون أورو في غضون السنتين الأخيرتين فقط مقابل تراجعها بالنسبة للجزائر.
وتُظهر الأرقام والمعطيات الحكومية الإسبانية، أن المغرب يتسيّد الدول الأفريقية تاريخيا التي تتلقى أكبر قدر من المساعدات التنموية من إسبانيا، باعتبارها في مقدمة المستفيدين الرئيسيين من هذا النوع من البرامج، سيّما في السنتين الأخيرتين اللتين أعقبتا اعتراف مدريد بمغربية الصحراء وتحسّن العلاقات الثنائية في عهد بيدرو سانشيز، بحيث ارتفعت قيمة هذا الدعم من 25,557,647 أورو في عام 2021 إلى 51,417,988، في عام 2022 عقب التحول دبلوماسي غير مسبوق.
ومقابل ارتفاع وتيرة زيادة الأموال المخصصة للمساعدات التنموية في المغرب، انخفضت تلك المخصصة للجزائر بنسبة 14٪: من 7.932.318 أورو في عام 2021 إلى 6.640.868 أورو في عام 2022، وذلك في وقت كانت إسبانيا قد دعمت عام 2017، في عهد ماريانو راخوي، الجزائر بحوالي 22,629,905 أورو.
ويبدو أن الأمر، مرتبط من جهة ثانية بطبيعة الأحزاب المتزعمة للسلطة التنفيذية وإيديولوجياتها، ذلك أنه في حكومة حزب الشعب سنة 2017 تم تقديم 2,583,304 أورو فقط للمغرب، لكن في العام الذي صعد الاشتراكي بقيادة بيدرو سانشيز، ارتفع هذا الرقم إلى 14.063.159 أورو، واستمر في الارتفاع حتى الآن.
ومن المفارقات أنه في الفترة من 2021 إلى 2022، عندما حدث التحول التاريخي لإسبانيا في ملف الصحراء المغربية، زادت المناطق التي يحكمها الحزب الشعبي المعارض بما فيها الأندلس وسبتة وكاستيلا لا مانشا وغاليسيا ومدريد، من حجم مساعداتها التنموية للجزائر بشكل كبير من 15 ألفًا إلى 166.885 ألف أورو، في حين خفضت تلك الموجهة إلى المغرب من 1.394.601 أورو إلى 1.388.916 أورو.
وتظهر هذه البيانات مرة أخرى، المعاملة التفضيلية التي حافظت عليها حكومة إسبانيا، منذ بعض الوقت اتجاه المغرب، الذي يحظى بشكل متزايد بالمزيد من الاستثمارات من رأس المال الإسباني، خصوصا في الشق المرتبط بتعزيز السيطرة الأمنية على السواحل ومحاربة الهجرة غير النظامية.
كواليس الريف: متابعة
25/03/2024