توقفت عقارب ساعة العالم مساء السبت الماضي 13 ابريل الجاري، عند المقذوفات التي بعثت بها إيران اتجاه إسرائيل، في مشهد عجت به سماء المنطقة بعشرات المسيرات والصواريخ الباليسيتية والمجنحة المطورة محليا.
ما حدث في تلك الليلة التي تابعها العالم عبر مختلف القنوات الفضائية ووسائط التواصل الاجتماعي، هو أشبه بمسيرة احتجاجية أكثر منه منازلة عسكرية.
لأول مرة تابع العالم عملية عسكرية ” لايف” أعلن عن بدايتها وانتظروا بضع ساعاتها حتى يطلعوا على نتائجها.
وككل منازلة اصطفت جماهير المنطقة العربية الممتدة من الخليج إلى المحيط إلى فسطاطين، جمهور متحمس زيادة ليرى ضربة موجعة لإسرائيل جراء غطرستها وتنكيلها بالفلسطينين.
وبمقابل ذلك جمهور معارض لهذه الضربة ومتعاطف الى حد ما مع إسرائيل.
بحسب كثير من المتتبعين والمطلعين على خبايا هذه الضربة “غير الموجعة” فإنها كانت متفق عليها ومتفاوض عليها، وما كانت لتتم لولا حصولها على ضوء أخضر أمريكي.
فلم يكن سرا ان إيران أخطرت دول المنطقة التي كانت ستحلق عبر أجوائها تلك المقذوفات المرسلة إلى إسرائيل.
حيث استعدت القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والأردنية لاعتراضها وهو ما يفسر أن جميع المسيرات أسقطت قبل أن تصل لأجواء الأراضي المحتلة.
فقط بضعة صواريخ هي التي وصلت إلى أهدافها المتفق عليها في ضوء قواعد الاشتباك الجديدة بين إيران وإسرائيل تحت رعاية أمريكية.
ولأول مرة كذلك إيران أعلنت في تلك الليلة عن نهاية ردها على استهداف قنصليتها بسوريا، قبل أن تصل صواريخها إلى القاعديتين العسكريتين الإسرائيليتين المستهدفتين.
اكتفت إسرائيل في تلك الليل بلعب دور اصطياد المقذوفات الإيرانية بمساعدة حلفائها في المنطقة، بعد أن فرضت رقابة صارمة على وسائل إعلامها لمنع نشر أي اثر لتلك المقذوفات على أرض الواقع.
كان من الواضح أن المسيرات الكثيرة التي أمطرت بها إيران سماء المنطقة لم يكن هدفها هو إحداث دمار شامل داخل إسرائيل، وإنما هدفا آخر كان مخفيا ضمن أجندة هذه العملية ألا وهو الكشف عن نقط تموضع المضادات الأرضية ومنصات الصواريخ لحلفاء إسرائيل بالمنطقة.
كان من نتائج هذه العملية غير المؤذية ظاهريا، الكشف عن حلف سني إسرائيلي لم يكن معلنا في السابق، مقابل عزلة حقيقية للجانب الإيراني.
لم تؤثر العملية العسكرية الإسرائيلية بغزة التي تجاوزت ستة اشهر وخلفت 120 ألف قتيل وجريح على تعاقداتها بدول المنطقة، فأول هجوم حقيقي تتعرض له من غريمها، كان سندها هو دول المحور.
من نتائج اقصاف إيران ، ان العرب كانوا في تلك الليلة السبتية مجرد أيتام في مأدبة اللئام، وقفوا حائرين بين مشروعين حده الأول إسرائيل الطامحة إلى نفوذ يمتد من النهر إلى النهر، وحده الثاني ايران الصفوية الطامحة إلى إحياء أمجاد الدولة الفارسية.
هذان المشروعان يتنافسان حاليا على قيادة زمام المنطقة بعد أن خبا مرحليا وهج الدولة التركية العثمانية.
كواليس الريف: متابعة
16/04/2024