في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية بالعاصمة الرباط، منح حزب التجمع الوطني للأحرار تزكية لسعد بنمبارك، نائب رئيس مجلس جهة الرباط سلا القنيطرة، للترشح في الانتخابات الجزئية بدائرة المحيط. هذه الخطوة جاءت وسط اتهامات خطيرة لبنمبارك، حيث أثيرت حوله شبهات تتعلق بتدبير شركة “رباط باركينغ” التي تواجه أزمة مالية حادة وصلت إلى عجز قدره 2 مليار درهم، بالإضافة إلى اتهامه بتفويت سكن وظيفي لشخصية غير مؤهلة. هذه التزكية اعتبرها البعض محاولة من بنمبارك للحصول على الحصانة البرلمانية، في حين أن تجارب سابقة أظهرت أن هذه الحصانة لم تمنع من اعتقال مسؤولين سابقين واجهوا قضايا مماثلة.
في المقابل، فضّلت فيدرالية اليسار الديمقراطي تقديم مرشح شاب نظيف اليدين وذو سمعة طيبة، حيث رشحت المحامي والصحفي السابق فاروق مهداوي، الذي يُعرف بأخلاقه العالية ونضاله السياسي. هذا الترشيح جاء ليؤكد على أهمية اختيار وجوه جديدة نظيفة لتمثيل الساكنة في البرلمان، بدلاً من الوجوه المثيرة للجدل والتي تشوبها شبهات فساد. وفي ظل ما تبقى من أيام قليلة لتقديم الترشيحات، تزداد الضغوط على قيادة حزب الأحرار للتراجع عن تزكية بنمبارك، لما قد تسببه هذه الخطوة من ضرر لصورة الحزب والسياسة بشكل عام في المغرب.
تأتي هذه التطورات في وقت كان الملك محمد السادس قد دعا فيه الأحزاب السياسية إلى اعتماد مدونة أخلاقية قانونية ملزمة، تلزمها بترشيح شخصيات نزيهة وذات كفاءة. ويبدو أن هذه الدعوة لم تلقَ استجابة فعلية من بعض الأحزاب التي ما زالت تُصر على ترشيح شخصيات متورطة في قضايا فساد، مما يطرح تساؤلات حول جدية الأحزاب في التزامها بإصلاح المشهد السياسي. الرباط، العاصمة التي تزخر بالكفاءات والطاقات الشابة، تستحق تمثيلاً برلمانياً نزيهاً يليق بطموحات سكانها ويعكس صورة إيجابية عن السياسة في البلاد.
23/08/2024