أثارت معطيات جديدة صادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية قلقاً كبيراً لدى المحللين الاقتصاديين، وذلك بعد الكشف عن وصول احتياجات البنوك المغربية من السيولة إلى 125.3 مليار درهم في المتوسط الأسبوعي خلال شهر يوليوز 2024، مقارنة بـ 124.1 مليار درهم في الشهر السابق. هذا الارتفاع أثار تساؤلات حول الهوة المتزايدة بين المؤسسات البنكية والمستهلك المغربي، حيث أصبح الكثيرون يفضلون إجراء معاملاتهم المالية خارج نطاق البنوك التقليدية.
وأوضحت المديرية في مذكرتها الأخيرة أن بنك المغرب اضطر في هذا السياق إلى زيادة حجم تدخلاته المالية، ليبلغ متوسط التدخل الأسبوعي 141.2 مليار درهم. هذه الخطوة أثارت ردود فعل متباينة بين من يعتبر أن البنوك المغربية فشلت في إقناع المواطنين بجدوى النظام البنكي، وبين من يرى أن تدخل البنك المركزي يعد إجراءً شائعاً في مختلف دول العالم. وقد سلط الخبير الاقتصادي رشيد ساري الضوء على أن إخفاق البنوك في تقديم تدابير تشجيعية جديدة يعزز من عزوف المواطنين عن إيداع أموالهم في البنوك، مشيراً إلى التحديات التي يواجهها المواطنون في استخراج أموالهم والانتقادات المستمرة لضعف خدمات الدفع الإلكتروني.
في هذا السياق، أكد الباحث الاقتصادي ياسين اعليا أن مشكلة نقص السيولة البنكية ليست جديدة، وأن تدخل بنك المغرب لضخ السيولة هو جزء من السياسات المعمول بها على مستوى دولي. وأشار إلى أن تراجع الثقة في النظام البنكي ليس مسؤولية البنوك وحدها، بل هو نتيجة لغياب هياكل قانونية فعالة وإجراءات حكومية كافية لتعزيز الشفافية والرقابة على الأنشطة الاقتصادية. وقدم اعليا اقتراحاً بتبني الدولة مقاربة تدريجية وشاملة لتحقيق الرقمنة الكاملة للنظام البنكي، مما يسهم في القضاء على الممارسات الريعية وضمان استدامة النمو الاقتصادي والاجتماعي.
02/09/2024