تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا دعوات لمقاطعة الإحصاء العام للسكان في المغرب، معبرين عن مخاوفهم من أن العملية لا تعدو كونها وسيلة للتجسس على الأسر وتعقب المتهربين من الضرائب والواجبات الأخرى. بعض الأصوات اعتبرت الإحصاء أداة لضبط التضامن الاجتماعي والتغطية الصحية، بينما ذهب آخرون إلى اعتبارها وسيلة لضبط الأمن والاستخبارات. وقد تلقيت رسالة عبر واتساب من إحدى تجمعات المتقاعدين التي تحرض على مقاطعة الإحصاء، مشيرة إلى تهميش الدولة لهذه الفئة في حين تسعى لتحديد النقص بين النشطاء.
تاريخيًا، لم يكن الرفض للإحصاء أمراً جديداً، حيث واجه الإحصاء الأول في الستينيات معارضة شديدة من القوى المعارضة التي كانت تشكك في نوايا الدولة. ومن بين الشكوك التي عبر عنها، جاء الفنان أحمد السنوسي (بزيز) في عمله “راس الخيط”، متسائلاً عن جدوى تكرار الإحصاء، في إشارة إلى المواقف اليسارية المشككة في الأهداف الحكومية. ومع تغير السياق السياسي، يبقى التساؤل حول أهداف الإحصاء قائماً، حيث يتهم البعض الدولة بتزوير النتائج لتقليص الميزانيات المخصصة.
على الرغم من الشكوك المحيطة بالإحصاء، فإن الحاجة إلى بيانات دقيقة تبقى ضرورية لفهم التغيرات الديموغرافية وتحسين السياسات العامة. المغرب، مثل العديد من الدول المتقدمة، يحتاج إلى هذه البيانات لتقييم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتوجيه السياسات المستقبلية. رغم كفاءة موظفي وزارة الداخلية، تبقى بعض الفئات خارج نطاق الإحصاء، مما يعقد جهود ضبط الواقع الاقتصادي الذي يشمل القطاع غير المهيكل. من الضروري أن يُنظر إلى الإحصاء كأداة لتحسين الفهم العام وليس كوسيلة للتجسس، مع ضرورة التحلي بالنية الحسنة وتفاؤل حذر بانتظار نتائج العملية.
04/09/2024