يشهد المشهد السياسي المغربي تطورات جديدة ، فبعد المواقف المثيرة للجدل للنائب البرلماني هشام المهاجري، الذي ينتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة ، وانتقاده لميزانية الحكومة قبل سنتين ، كخطوة جريئة وغير مسبوقة، الأمر الذي أدى إلى تداعيات كبيرة داخل الحزب، حيث تم التضحية به وإجباره على تقديم استقالته من رئاسة لجنة الداخلية، بمجلس النواب، في محاولة لإسكات صوته واحتواء تداعيات موقفه.
ووفقاً لمصادر مقربة من حزب الأصالة والمعاصرة، يبدو أن القيادة الحالية للحزب ، خلال الموتمر المنعقد يومه السبت ، قد أصدرت توجيهات لبعض النواب المخضرمين في الحزب بضرورة مراجعة وانتقاد مشروع ميزانية 2025 , التي تقدمت به الوزيرة التجمعية نادية فتاح علوي .
هذا التحرك يعكس حالة من عدم الرضا داخل الحزب، ويشير إلى تصاعد التوترات بشأن اقتسام الحقائب الوزارية، خاصة بعد استحواذ حزب التجمع الوطني للأحرار (الحمامة) على النصيب الأكبر من التعيينات الأخيرة في المؤسسات والإدارات العمومية.
هذه الديناميكيات السياسية تعكس استعدادات خفية للاستحقاقات الانتخابية القادمة، حيث يبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة بدأ في تغيير استراتيجيته من داخل الأغلبية الحكومية، واتخاذ مواقف أقرب إلى المعارضة، حتى لو كان ذلك بشكل غير معلن.
هذا التوجه يمكن تفسيره بالاحتقان المتزايد حول كيفية توزيع مناصب المسؤولية، أمس الجمعة، حيث يسيطر حزب رئيس الحكومة على جل المناصب الاستراتيجية ، ولصالح المقربين منه، ما أثار استياء قيادة البام .
من جهة أخرى، يبدو أن نقاش مشروع ميزانية 2025 في البرلمان سيكون أكثر سخونة هذا العام، إذ تتجه بعض الأطراف إلى تحليل وتدقيق تفاصيل هذا المشروع بطريقة توحي بتحولهم إلى معارضة داخلية. الهدف من هذا التدقيق ليس فقط استعراض قدراتهم الرقابية بل أيضاً توجيه رسائل سياسية واضحة لأخنوش ، تعكس رفض حليفه الأصالة والمعاصرة، للطريقة التي تُدار بها التعيينات واتخاذ القرارات الاستراتيجية.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن المشهد السياسي المغربي يتجه نحو مزيد من التوترات داخل الأغلبية الحكومية، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ورغم أن الحكومة المقبلة ستُشرف على تنظيم حدث رياضي عالمي، إلا أن الخلافات السياسية الداخلية قد تُلقي بظلالها على هذا الحدث، ما يستدعي من جميع الأطراف التركيز على تحقيق الاستقرار السياسي وضمان شفافية العملية الانتخابية وتوزيع المناصب بإنصاف وعدالة.
يظل السؤال المطروح حالياً: هل ستتمكن القيادة السياسية من تجاوز هذه الخلافات الداخلية والتوصل إلى توافق يضمن وحدة الصف داخل الأغلبية الحكومية؟ أم أن حزب الأصالة والمعاصرة سيمضي في طريق النقد العلني والمواجهة مع سياسات حلفائه ؟ .
19/10/2024