شهد المغرب تحولات سياسية وحقوقية بارزة على مدى العقود الأخيرة، انعكست بوضوح على الخطاب الانفصالي الذي تراجع بشكل ملحوظ في الأوساط العامة، بفضل تعزيز الوعي السياسي وكشف أساطير تاريخية روجها الانفصاليون. ومع ذلك، لا يزال هذا الخطاب يجد صدىً ضعيفًا داخل بعض الجامعات المغربية، حيث يبرز ما يُعرف بـ”فصيل الطلبة الصحراويين”. هذا الفصيل، الذي يجاهر بشعارات انفصالية ويمارس أنشطة تعدت التعبير إلى ترهيب الطلبة وتعطيل مساراتهم الأكاديمية، بات يشكل تحديًا أمام الدور الأساسي للجامعة كمؤسسة للتكوين والحوار.
يرى محللون أن جذور هذه الظاهرة تعود إلى سياقات سياسية واجتماعية سابقة، حيث شكلت الجامعات ملاذًا للفكر الانفصالي في ظل غياب الحرية السياسية والتوترات الأمنية في الأقاليم الجنوبية خلال عقود مضت. غير أن الانفتاح الحقوقي والسياسي منذ بداية الألفية الثانية قلّص مساحة هذا الخطاب داخل الحرم الجامعي، وإن ظل قائماً في بعض المواقع، مدفوعًا برغبة في اكتساب رمزية نضالية أو التمويه على تجاوزات أخلاقية وقانونية. وتُجمع الآراء على أن هذا الخطاب، رغم محدوديته، يضع الجامعة أمام مسؤولية إعادة تأهيل دورها في تعزيز الحوار العقلاني ومكافحة التطرف.
يدعو مختصون إلى إعادة النظر في النموذج الجامعي بالمغرب، بما يتضمن انفتاحًا أكبر على المحيط السياسي والاجتماعي وتعزيز الأنشطة التي تُثري النقاش النقدي وتعالج القضايا الراهنة والاستراتيجية. ويتفق هؤلاء على أن الجامعة يجب أن تكون فضاءً لإعداد نخب فكرية تُساهم في توجيه المجتمع، بعيدًا عن العنف والخطابات المتطرفة التي تسيء لصورة المؤسسات الأكاديمية.
12/11/2024