أثار رفض عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس فتح شعبة للدراسات الأمازيغية، موجة غضب عارمة بين النشطاء الأمازيغ والمدافعين عن التنوع الثقافي في المغرب، حيث اعتبروا هذا القرار تحديا واضحا للدستور المغربي الذي يقر اللغة الأمازيغية لغة رسمية، وخروجا عن الإرادة الملكية التي أكدت في عدة مناسبات ضرورة إنصاف الأمازيغية بوصفها جزءاً لا يتجزأ من الهوية المغربية.
وقد أكد لحسن أمقران، الناشط الأمازيغي وأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “الرفض المتكرر وغير المبرر من قبل عميد كلية الآداب بمكناس يعكس تعنتا غير مفهوم أمام خطوة أساسية لتعزيز الأمازيغية، التي أكد الملك محمد السادس أهميتها في خطابي العرش وأجدير، كما ان الخطابات الملكية طالبت بإنصاف هذه اللغة ضمن مسار المصالحة مع هوية المغرب”.
وأوضح أمقران أن تبريرات العميد لرفضه فتح الشعبة، مثل غياب الإقبال أو نقص الملفات، لا تعدو أن تكون مراوغات واهية. وأضاف: “الأمازيغية ليست قضية الناطقين بها فقط، بل هي حق لكل المغاربة، والدفاع عنها واجب وطني. العميد يدّعي أصوله الأمازيغية، لكنه يتجاهل أن الهوية الأمازيغية مطلب مجتمعي عام”.
كما أكد أمقران أن موقع مدينة مكناس الاستراتيجي، كجسر بين الأطلس المتوسط ومنطقة زمور وأبناء الجنوب الشرقي، يجعلها مركزاً طبيعياً للدراسات الأمازيغية، خاصة في ظل اضطرار الطلبة للتنقل إلى مدن أخرى مثل فاس لمتابعة هذا النوع من التعليم. وأضاف: “المجتمع المدني، الممثل في النسيج الجمعوي المهتم بالشأن الأمازيغي، يدعم هذا المطلب بقوة، فضلاً عن إيمان الشعب المغربي بالتعددية الثقافية وأهمية الاعتراف بها”.
وكما ان خالد الوعزاني، أستاذ اللغة الأمازيغية، رأى في قرار العميد انتكاسة لمسار التنمية الثقافية بالمغرب، مشيراً إلى أن تدريس الأمازيغية هو ركيزة أساسية لبناء مجتمع متماسك ومتسامح، وأوضح أن رفض فتح الشعبة يعكس وجود تيار محافظ يقاوم الإصلاحات الثقافية، رغم توفر الموارد البشرية واستعداد أساتذة جامعيين للتدريس في هذا التخصص.
كما شدد الوعزاني على أن رفض فتح الشعبة يعد انتهاكا للدستور ويشكل عقبة أمام حماية التنوع الثقافي، داعيا السلطات إلى التدخل لإنصاف الأمازيغية وضمان احترام مقتضيات الدستور المغربي.
ويعد الرفض المستمر لفتح شعبة الدراسات الأمازيغية في كلية الآداب بمكناس يعكس إشكاليات أعمق تتعلق بتطبيق الدستور المغربي والاعتراف الفعلي بالتعددية الثقافية، بينما يطالب المجتمع المدني والنشطاء بمراجعة هذا القرار، حيث يبقى السؤال الأبرز: هل ستتحرك الجهات المعنية لإنصاف الأمازيغية، أم أن سياسات الإقصاء ستظل عقبة أمام تطور المغرب الثقافي والاجتماعي؟.
16/11/2024