تحول السوق المغطى بمدينة وجدة، أو ما كان يُعرف بـ”المارشي كوفير” (marché couvert) إبّان الحقبة الاستعمارية الفرنسية، إلى رمز لمعاناة المشاريع المتعثرة بالمدينة ، جراء سوء التدبير.
هذا السوق، الذي كان يعدّ معلمة تجارية تاريخية تشبه في تصميمها معالم مشابهة مثل “مارشي سونطرال” بالدار البيضاء أو الأسواق التاريخية بفاس، مكناس، والرباط … وعانى من سلسلة قرارات غير مدروسة أدت إلى تحويله إلى مركب تجاري مهجور.
مشروع هدم وإعادة بناء … سنوات من الاستنزاف المالي
على مر عقود، خططت المجالس الجماعية المتعاقبة بوجدة لهدم السوق التاريخي وإعادة بنائه ، وهو مشروع استغرق سنوات طويلة وابتلع ميزانيات ضخمة من أموال الجماعة دون تحقيق النتائج المرجوة.
وعندما تسلّم الرئيس السابق لخضر حدوش، الرئيس الحالي لمجلس عمالة وجدة، مسؤولية تسيير شؤون المدينة، كان من أوائل خطواته المضي في استكمال المشروع، حيث تم تخصيص ميزانية تقدر بملايير السنتيمات لإتمام ما أصبح يُعرف بـ”المركب التجاري”.
“مركب الأشباح” كما تسميه الساكنة المحلية، أصبح نقطة سوداء في قلب المدينة ، رغم المبالغ الطائلة التي أنفقت على المشروع، تحول السوق المغطى إلى ما يشبه “مركب الأشباح”، بسبب المحلات التجارية المغلقة والتصميم الهندسي غير المفهوم ، يُقسم المركب إلى شقوق تبلغ مساحة بعضها حوالي 200 متر مربع، وقد تم تفويت معظمها بطرق تُثار حولها شكوك وشبهات فساد.
كما يتضمن المشروع محلات تجارية بثلاثة طوابق، أغلبها فارغة ، في ظل غياب استراتيجية واضحة لتأهيل هذا المشروع أو إدارته.
كما تُثار تساؤلات عديدة حول الطريقة التي تم بها تفويت هذه المحلات، خاصة وأن الرئيس السابق لخضر حدوش كان أحد أبرز المستفيدين مع عدد من المقربين منه … هذه التفويتات المشبوهة أضافت إلى قائمة الإخفاقات المتكررة التي شهدتها جماعة وجدة، إذ لا يزال المركب مغلقاً، رغم أن أموالاً خيالية من المال العام قد أُنفقت عليه دون جدوى.
إلى اليوم، لم يُفتح أي تحقيق جدي في هذا المشروع الفاشل، الذي يُعتبر أحد أسوأ الأمثلة على سوء تدبير المال العام في المدينة ، ساكنة وجدة، التي طال انتظارها لرؤية السوق في حلة جديدة تُعيد الحياة إلى قلب المدينة، باتت ترى في هذا المشروع رمزاً للهدر المالي وغياب المحاسبة.
02/12/2024