تستمر محكمة الاستئناف بفاس في معالجة قضية ثقيلة تتعلق بتبديد أموال عمومية والتزوير في محررات رسمية، والتي يتابع فيها عدد من الأسماء البارزة، من بينهم الرئيس السابق لجماعة تاوريرت، البشير بوخريص، والمستشار المعزول بالمجلس الحالي، إضافة إلى قابض الجماعة وصاحب الشركة الفائزة بصفقة كراء السوق الأسبوعي، المدعو يوسف حنين، حيث أن هذا الأخير يواجه اتهامات خطيرة بالتزوير واختلاس الأموال العمومية، وهو حاليا رهن الاعتقال في انتظار جلسة التحقيق المقبلة المحددة ليوم 8 يناير 2025.
وتشير التحقيقات إلى أن يوسف حنين ينتمي إلى عائلة عرفت بتورطها في صفقات عمومية مرتبطة بالجماعات الترابية، وتتهم هذه العائلة، التي يتزعمها عبد الإله حنين، بإدارة شركات وهمية والفوز بصفقات كراء الأسواق والمواقف العامة من خلال تقديم ملفات غير قانونية واتفاقات مسبقة مع المسؤولين المفوض لهم تدبير هذه القطاعات.
وحسب الوثائق المتوفرة، تعتمد هذه الشركات على عرض مالي متقارب بينها في طلبات العروض، مما يضمن فوز إحدى الشركات التابعة لهم بعروض تقل قيمتها عن التوقعات المالية للجماعات المحلية.
وتظهر وثائق التحقيق التي أعدتها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية أن يوسف حنين قدم وثيقة ضمانة بنكية مزورة خلال إحدى الصفقات، هذا التزوير لم يكن حالة معزولة، إذ تؤكد المصادر أن عائلة حنين دأبت على تقديم وثائق مزيفة في صفقات عديدة عبر شركات مثل “أسواق الشرق” و”ندا صفقات”، ما يستدعي مراجعة شاملة لكل الصفقات التي أبرمت مع هذه الشركات.
التجاوزات المنسوبة لعائلة حنين لا تقتصر على جماعة تاوريرت فقط، بل تشير معطيات مؤكدة إلى تورطها في صفقات أخرى بجماعة وجدة، حيث أظهرت التحقيقات تورط عبد الإله حنين في شراكات غير مباشرة مع النائب الأول لرئيس الجماعة، عمر بوكابوس، حيث تشير الأدلة إلى وجود تحويلات بنكية وصرف شيكات تؤكد تلك العلاقة، مما يعزز الشبهات حول التواطؤ لتحقيق مكاسب مالية غير قانونية.
وفي ظل هذه التطورات، تعالت الدعوات بضرورة فتح تحقيق شامل في جميع الصفقات التي فازت بها شركات عائلة حنين، ويؤكد متابعون أن هذه القضية تمثل اختبارا حقيقيا لمدى التزام القضاء المغربي بمكافحة الفساد ومعاقبة المتورطين، بغض النظر عن مكانتهم السياسية أو نفوذهم.
وتأتي هذه القضية في سياق وطني يشهد جهودا متزايدة لمحاربة الفساد المالي والإداري الذي يهدد التنمية والاستقرار الاجتماعي، ليبقى الأمل معقودا على نزاهة القضاء المغربي لتفكيك شبكات الفساد التي تستنزف الأموال العمومية وتسيء إلى سمعة المؤسسات.
04/12/2024