كشف انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة عن تحول غير مألوف في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، حيث اتسمت تصريحاته خلال حملته الرئاسية وفترة حكمه بالرفض القاطع للتدخل العسكري المباشر، مبررًا ذلك بالكلفة المالية والبشرية المرتفعة. انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا فتح الباب أمام تركيا للتدخل عسكريًا في المنطقة، مستهدفة تقليص التهديد الكردي واستعادة الشعبية السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان. هذه السياسة الأميركية القائمة على “التدخل بالوكالة” أسهمت في تقليل التورط المباشر للجيش الأمريكي، مع توجيه الدعم للحلفاء الإقليميين لتحقيق المصالح الاستراتيجية.
في مقال بعنوان “بين بوتين وترامب .. أو سوريا مقابل أوكرانيا”، أشار الباحث هشام برجاوي إلى احتمالية وجود صفقة بين واشنطن وموسكو، مستندًا إلى تقارب في تصريحات ترامب ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حول مستقبل بشار الأسد. قد يكون تخلي روسيا عن دعم الأسد مرتبطًا بمكاسب محتملة في أوكرانيا وأوروبا الشرقية، خاصة مع تغير أولويات القوى الدولية تجاه الصراعات الإقليمية. الأسد نفسه بدا أقل تشددًا في التعامل مع قضايا مثل إسرائيل، مظهراً ميلاً لتقديم تنازلات تكتيكية بهدف الحفاظ على نظامه.
وفي سياق التحولات السياسية، أظهرت إدارة ترامب تركيزًا على المصالح الوطنية وتقليص الالتزامات الخارجية الباهظة، مما دفع موسكو للتفكير في خطوات تكتيكية تتماشى مع هذه المقاربة. وبرغم استمرارية الدعم الروسي للأسد طيلة أكثر من عقد، يبقى التساؤل قائمًا حول إمكانية تقديم تنازلات روسية ملموسة في سوريا مقابل مكتسبات استراتيجية في أوكرانيا، مما يعزز فرضية وجود ترتيبات سياسية بين القوتين العظميين تعيد تشكيل التوازنات في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.
11/12/2024