تواصل موريتانيا تحدي الضغوط الجزائرية، متمسكة بخط دبلوماسي مستقل يسعى للحفاظ على توازن علاقاتها الإقليمية، بما في ذلك مع المغرب. في مواجهة محاولات الجزائر لإقحامها في مشاريع تهدف لزعزعة الاستقرار في المنطقة المغاربية، تُظهر نواكشوط إصرارًا على سياسة “الحياد الإيجابي”، خاصة في قضية الصحراء. ورغم جهود الجزائر لدفع موريتانيا إلى اتخاذ مواقف متحيزة، تستمر الأخيرة في تبني مواقف متوازنة تخدم مصالحها الإستراتيجية وتحافظ على استقلالية قرارها السياسي.
زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى نواكشوط مؤخرًا، التي وُصفت بـ”الباردة”، عكست رفض القيادة الموريتانية الانخراط في أجندات جزائرية تُقصي المغرب. زيارة هي الأولى لرئيس جزائري إلى موريتانيا منذ عقود، اكتفت بمظاهر استقبال بسيطة وخطاب ضمن مؤتمر قاري حول قضايا التعليم والشباب. هذا الاستقبال المحدود، بحسب مراقبين، يعكس موقف نواكشوط الحذر من الضغوط الجزائرية، ويؤكد تمسكها بعدم الانحياز لأي محور إقليمي قد يضر بعلاقاتها المتوازنة مع جيرانها.
تتعاظم مخاوف الجزائر من تطور الموقف الموريتاني إزاء قضية الصحراء، في ظل الدعم الدولي المتزايد للمغرب. ويعتقد خبراء أن نواكشوط ترى في مصالحها الإستراتيجية مع المغرب أفقًا أوسع من الانخراط في أجندات جزائرية قد تُعمّق الانقسامات الإقليمية. ومع دخول الاقتصاد الموريتاني مرحلة جديدة بفضل الاكتشافات النفطية، يُتوقع أن تتبنى نواكشوط مواقف أكثر انسجامًا مع التوجهات الدولية في ملف الصحراء، بما يرسخ شراكتها مع المغرب ويُبقيها بعيدة عن الاستقطاب الجزائري.
12/12/2024