أصدر الفرع الإقليمي للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالحسيمة بيانا شديد اللهجة يدق ناقوس الخطر بشأن التأخير المزمن في إنجاز المشاريع التنموية الكبرى في المنطقة، البيان، الذي يأتي في سياق تزايد القلق الشعبي من تداعيات الفساد الإداري وسوء التدبير، بإقليم الحسيمة، ربط التأخر التنموي بانتهاكات صريحة للحقوق الأساسية للمواطنين وتهديد مباشر للاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد.
وحسب البيان، فإن تأخر إنجاز المشاريع التنموية لا يقتصر على الكلفة المالية المباشرة التي تُقدر بالمليارات، بل يمتد ليؤثر بشكل عميق على النسيج الاجتماعي والسياسي، فالهيئة شددت على أن هذه التأخيرات ليست مجرد إشكالات تقنية أو عراقيل إدارية، بل تعكس خللاً جوهريا في منظومة الحكامة بالمغرب، ما يؤدي إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية، حرمان المواطنين من الخدمات الأساسية، وإضعاف ثقتهم في مؤسسات الدولة.
كما أكدت الهيئة أن هذا التأخير يشكل تهديدا لحقوق الإنسان، مشيرة إلى مشروع “الحسيمة … منارة المتوسط”، الذي كان يفترض أن يكون نموذجا للتنمية المستدامة، لكنه تحول إلى رمز للإخفاق الإداري بسبب سوء التدبير وتأخر الإنجاز، فهذا المشروع، الذي كان يفترض أن يُحدث نقلة نوعية في المنطقة، أدى تأخره إلى تعميق الإقصاء وزيادة مشاعر التهميش، مما ساهم في إشعال احتجاجات واسعة في منطقة الريف.
كما أن تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، الذي قدر كلفة الفساد بالمغرب بـ50 مليار درهم سنويا، كان مرجعا رئيسيا في بيان الهيئة، حيث أن التقرير أشار إلى أن الفساد يعد عائقا جوهريا أمام تحقيق التنمية ويضعف الجهود الرامية لتحسين حياة المواطنين.
وفي ظل هذه التحديات، دعت الهيئة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة وفورية لمعالجة التأخير التنموي ومكافحة الفساد، حيث تضمنت التوصيات بضرورة تعزيز الرقابة، مع نشر تقارير دورية شفافة حول تقدم المشاريع التنموية، مع تحديد العراقيل والجهات المسؤولة عنها، ومحاسبة المسؤولين وذالك فتح تحقيقات نزيهة حول أسباب التأخير، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المتورطين في سوء التدبير أو الإهمال، مع تعزيز دور الجمعيات المحلية والهيئات الرقابية لمتابعة تنفيذ المشاريع والإبلاغ عن التجاوزات.
كما أن الهيئة وجهت رسالة واضحة للحكومة تطالب فيها بتحويل الالتزامات إلى واقع ملموس، مع تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بعيدا عن أي اعتبارات سياسية، كما دعت المجتمع المدني إلى تكثيف الجهود لمكافحة الفساد والمطالبة بحقوق المواطنين التنموية.
12/12/2024