تعد أسماك الروبيو، أو “La Grondin”، من أبرز الأسماك النبيلة التي شكلت محور نشاط الصيد التقليدي بميناء أكادير منذ السبعينيات. هذه الأسماك التي اشتهرت بقيمتها الغذائية العالية وجمالها الفريد، كانت محور اهتمام قوارب الصيد التقليدي وصنف الخيوط الطويلة، حيث اعتمد الصيادون على تقنية الأطباق أو “الطبوݣة”، باستخدام طعوم من السردين لاستهداف هذا النوع السمكي الذي كان يعج بالمصايد القريبة والبعيدة.
— إزدهار الروبيو في الماضي :
تميزت مصايد أكادير، ماسة، وأكلو، وحتى الماضرابا وإمسوان، خلال الثمانينيات والتسعينيات، بإنتاج وفير من سمك الروبيو. كان بإمكان قارب واحد أن يجلب أكثر من عشر صناديق من هذا النوع في رحلة واحدة تمتد من 12 إلى 20 ساعة، حسب بعد المصيد. وكان الحجم التجاري للروبيو آنذاك مبهراً، حيث تصل بعض الأسماك إلى خمسة كيلوغرامات للسمكة الواحدة.
— التحولات في المصايد :
مع مرور الزمن، تراجعت الكميات المصطادة وحجم أسماك الروبيو في المصايد التقليدية. اليوم، غالبية مفرغات هذا النوع السمكي تقتصر على أحجام صغيرة بالكاد تعادل حجم السردين، مما أثار قلق المهنيين وخبراء الصيد البحري. ويرجع السبب الأساسي لهذا التراجع إلى الضغط المفرط على المصايد، إلى جانب تغيرات بيئية وأخرى مرتبطة بضعف التخطيط لحماية الأنواع البحرية.
— الحاجة إلى تدخل عاجل:
تواجه سواحل سوس تحديات كبيرة في الحفاظ على التوازن البيئي البحري. فالضغط الكبير على مصايد الروبيو، إلى جانب الاستغلال المفرط لمصايد السمطة، الكولا، والأسماك الصخرية القاعية، أدى إلى اختفاء بعض الأنواع السمكية التي كانت تزخر بها السواحل المغربية. ويرى المهنيون، مثل يوسف فايدة، رئيس الجمعية المغربية لتنمية الصيد البحري التقليدي، أن الوضع الحالي يتطلب خططاً محكمة لإحياء المصايد وحماية التنوع البيولوجي البحري.
— الروبيو … رمز التوازن المفقود :
اختفاء الروبيو بأحجامه التجارية الكبيرة ليس مجرد أزمة صيد، بل هو مؤشر على الخلل البيئي الذي أصاب سواحل أكادير والمناطق المجاورة. إن إعادة الحياة إلى هذه المصايد تستلزم إجراءات فعالة لحماية الأنواع البحرية وإعادة التوازن إلى المنظومة البحرية، بما يضمن استدامة النشاط الاقتصادي والاجتماعي للصيد البحري التقليدي في المنطقة.
24/12/2024