لا تزال الإشاعات التي انتشرت كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول قضايا وطنية حساسة تثير جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية والسياسية، ما دفع برلمانيين، خاصة من المعارضة، إلى مطالبة الحكومة بالتدخل العاجل لتوضيح الحقائق وإعادة توجيه النقاش العام.
في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، شدد امبارك السباعي، رئيس الفريق الحركي، على أهمية التواصل الحكومي لوقف الشائعات، مشيراً إلى ضرورة تقديم رئيس الحكومة بيانات شاملة حول تعديلات مدونة الأسرة ونتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024، بالإضافة إلى قضية تسوية الوضعية الضريبية التي أثارت الكثير من الجدل.
في كلمته، دعا السباعي إلى عقد جلسة مشتركة للبرلمان بمجلسيه، مبرزاً أن هذا التوجه يعكس التفاعل البناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفقاً لأحكام الدستور والقوانين الداخلية.
وأكد أن مثل هذه الجلسة ستكون فرصة لتنوير الرأي العام حول الجهود الحكومية المبذولة في تعديل مدونة الأسرة بما يتماشى مع التوجيهات الملكية، وتأطير النقاش العام لتفادي التأويلات المغلوطة التي أصبحت منتشرة في الآونة الأخيرة.
من جهة أخرى، لم يكن امبارك السباعي الوحيد الذي أطلق سهام النقد نحو الحكومة؛ ففي لقاء حزبي نظم بمراكش، عبّر عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، عن استيائه مما وصفه بـ”القصور الحكومي” في شرح مضامين التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة. شهيد أشار إلى أن هذا القصور خلق فراغاً معلوماتياً سمح بانتشار الشائعات والتأويلات المغرضة، محذراً من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى حالة من الجدل العقيم، ما يعرقل التقدم في مشروع تعديل المدونة.
الانتقادات لم تتوقف عند هذا الحد، حيث وجه إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، خلال لقاء حزبي بتمارة، انتقادات لاذعة للحكومة، واصفاً النقاش الشعبي السائد حول التعديلات بأنه مشوّه وغير مثمر.
وأكد لشكر أن الهدف الأساسي من التعديلات هو تحقيق المساواة والتوازن بين الجنسين، معتبراً أن الربط بين هذه التعديلات وقضايا مثل التعدد يعكس فهماً سطحياً للموضوع.
وأشار إلى أن الحكومة تتحمل مسؤولية كبيرة في مواجهة الخطابات الشعبوية من خلال شرح دقيق وشفاف لمضامين التعديلات.
في ظل هذا المشهد، يبدو أن الحكومة تقف أمام تحدٍّ مزدوج: من جهة، ضرورة توضيح رؤيتها حول التعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة، ومن جهة أخرى، تقديم بيانات شاملة حول نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، الذي ينتظر أن تكون له تداعيات اجتماعية واقتصادية كبيرة.
وبالتزامن مع ذلك، تتعالى الأصوات المطالبة بحسم الجدل حول تسوية الوضعية الضريبية، والتي أثارت بدورها لغطاً واسعاً في أوساط الرأي العام.
في ظل هذا الزخم، يبقى التساؤل قائماً حول ما إذا كانت الحكومة ستتمكن من التعامل مع هذه القضايا الحساسة بفعالية وشفافية، أم أن الفراغ المعلوماتي سيستمر في تغذية الإشاعات وعرقلة النقاش البناء؟
كواليس الريف: متابعة
31/12/2024