في مطلع القرن العشرين، شكّلت منطقة شمال المغرب ساحةً لعدد من الشخصيات البارزة التي قادت النضال السياسي والعسكري ضد الاستعمار الإسباني والفرنسي. من بين هؤلاء القادة، برزت شخصيتان تميزتا بتأثيرهما العميق وأدوارهما المتناقضة أحيانًا: الشريف أحمد الريسوني و الامير محمد بن عبد الكريم الخطابي. رغم أوجه التشابه الكبيرة بينهما، كانت هناك اختلافات جوهرية شكلت ملامح تجربتهما القيادية ومآلهما النهائي.
–تحليل أوجه التشابه
تجربة السجن والتعاون مع العدو: كلا الرجلين عاشا فترات متقلبة تميزت بالتعاون المؤقت مع الاستعمار، تارة بهدف تحقيق مكاسب سياسية، وتارة أخرى كاستراتيجية تكتيكية لكسب الوقت قبل الدخول في مواجهات دامية.
الصراع مع السلطة المركزية: عارض كل من الريسوني والخطابي السلطان والخليفة، مما جعل صراعهما مزدوجًا ضد الاحتلال وضد السلطة المركزية في المغرب.
الخسائر الشخصية: تعرض كلاهما لخسائر فادحة على المستوى الشخصي، حيث أحرقت منازلهما، وأُخذ أفراد من عائلاتهما كرهائن.
التباين بين القيادتين
1. الأسس الاجتماعية والدينية:
الريسوني كان شريفًا يتمتع بمكانة دينية وروحية نابعة من نسبه النبوي، مما أكسبه احترامًا تقليديًا في المجتمع المغربي.
الخطابي، رغم مكانته كابن فقيه، لم ينتمِ إلى الطبقة الدينية الحاكمة، ولكنه صنع مجده بفضل تعليمه واجتهاده الشخصي.
2. أسلوب القيادة والنضال:
الريسوني كان أقرب إلى زعيم إقطاعي، يستخدم النفوذ القبلي والديني لفرض سلطته.
الخطابي اعتمد على التنظيم الحديث، ساعيًا إلى بناء حركة تحررية تستهدف استقلال المغرب وتحديث مؤسساته.
انتهت مسيرة الريسوني في الأسر على يد الخطابي نفسه، حيث توفي عام 1925.
الخطابي استمر في النضال حتى بعد استسلامه، ليصبح رمزًا لحركات التحرر الوطني في العالم، وخلد اسمه كأحد أعظم قادة المقاومة في القرن العشرين.
رغم الاختلافات الجوهرية بين الشريف أحمد الريسوني ومحمد بن عبد الكريم الخطابي، فإنهما شكّلا معًا جزءًا محوريًا من تاريخ المقاومة المغربية ضد الاستعمار. كانت حياة كل منهما انعكاسًا للتحديات والتحولات التي شهدها المغرب في تلك الحقبة. وبينما يتذكر المغاربة الخطابي كرائد للاستقلال الوطني، يظل الريسوني شخصية مثيرة للجدل تمثل النضال التقليدي ضد الهيمنة الأجنبية.
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف كان يمكن لتاريخ المغرب أن يتغير لو اتحد هذان الزعيمان بدلًا من أن يتصارعا؟
01/01/2025