تعد أزمة جمارك سبتة ومليلية الفصل الأخير في تاريخ طويل من التوترات بين المغرب وإسبانيا، فرغم الجهود المبذولة لإعادة فتح الجمارك في الثغرين، فإن تعقيدات العلاقة بين البلدين ما زالت تلقي بظلالها على هذا الملف الحيوي.
وبلغت التوترات ذروتها في مايو 2021 عندما استقبلت إسبانيا إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، لتلقي العلاج، ما أثار غضب المغرب، وجاءت ردة فعل الرباط بتخفيف الرقابة على الحدود، مما سمح بدخول نحو 6000 مهاجر إلى سبتة في واحدة من أسوأ أزمات الهجرة التي شهدتها المدينة، ما دفع إسبانيا إلى نشر الجيش لضبط الوضع.
وفي مارس 2022، غير رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز موقف بلاده تجاه قضية الصحراء المغربية، معلنا دعم خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب، وجاء هذا التحول نتيجة لمفاوضات طويلة وأدى إلى تخفيف التوترات، رغم المعارضة الداخلية في إسبانيا. خطوة سانشيز أعادت بعض الاستقرار للعلاقات الثنائية، واعتُبرت نقطة تحول نحو تعزيز التعاون.
وشهدت مليلية في يونيو 2022 مأساة إنسانية حينما حاول مئات المهاجرين اقتحام السياج الحدودي، ما أسفر عن مقتل 23 مهاجرا وإصابة العشرات من قوات الأمن الإسبانية، ورغم الأزمة، شددت المغرب على ضرورة حماية حدودها من الهجرة غير الشرعية.
وتعود طموحات المغرب لاستعادة سبتة ومليلية إلى عام 1994 عندما طالب الأمم المتحدة بالسيادة على المدينتين، فالنزاع حولهما ظل من أبرز القضايا الخلافية، خصوصًا بعد سحب المغرب سفيره من مدريد في 2007، عقب زيارة الملك الإسباني للمدينتين.
اليوم، تتجه الأنظار نحو تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة فتح الجمارك في سبتة ومليلية. وبينما ظهرت مشاكل تتعلق بنقص الوثائق، يصر المغرب على أهمية تنفيذ الاتفاقات بالكامل لتعزيز التعاون الاقتصادي، في إشارة إلى تطور إيجابي في العلاقات الثنائية.
هذه التطورات تؤكد أن العلاقة بين المغرب وإسبانيا لا تزال معقدة، لكنها تسير نحو مزيد من التعاون والتفاهم، رغم العقبات التي تعترض طريقها.
12/01/2025