مليلية، المدينة الواقعة على الساحل الشمالي لإفريقيا، تحمل عبق التاريخ والتنوع الثقافي، حيث يتعايش الأوروبيون والأفارقة في مساحة صغيرة تزخر بالاختلافات الثقافية واللغوية. وسط هذا التنوع، تقف اللغة الأمازيغية كرمز للهوية الأصيلة، لكنها تواجه اليوم تهديدات خطيرة تهدد وجودها واستمرارها.
الأمازيغية ليست مجرد وسيلة للتواصل؛ بل هي انعكاس للذاكرة الجمعية للشعب الأمازيغي. إنها لغة تحمل القيم والعادات والتقاليد التي شكّلت هوية المنطقة عبر القرون. ولكن، مع كل خطوة تتراجع فيها هذه اللغة، يُفقد جزء أصيل من التراث الثقافي لمليلية، ما يهدد بانهيار جزء من هوية المدينة.
— التحديات التي تواجه الأمازيغية :
1. تسيطر اللغة الإسبانية على كافة المجالات العامة في مليلية، من التعليم إلى الإعلام، مما يترك الأمازيغية في الظل، محرومة من الدعم والاعتراف الرسمي.
2. لم تعد العائلات تنقل اللغة الأمازيغية لأبنائها بنفس الحماسة، مما يؤدي إلى انقطاع التواصل اللغوي بين الأجيال وتراجع أعداد الناطقين بها.
3. هيمنة اللغات الكبرى مثل الإسبانية والعربية والإنجليزية تجعل الأجيال الشابة تميل لاستخدام هذه اللغات على حساب لغتها الأم.
4. ضعف الحضور التعليمي:
إهمال الأمازيغية في المناهج الدراسية يحرم الأطفال من فرصة تعلمها، مما يُضعف جذورها في المستقبل.
حماية الأمازيغية تعني حماية جزء من تاريخ الإنسانية؛ فهي لغة تمثل رؤية فريدة للعالم، تحمل بين طياتها حكمة الأجداد وإرث القرون. تعزيز هذه اللغة لا يعني فقط الحفاظ على ماضي مليلية، بل أيضًا بناء مستقبل يُقدر التنوع الثقافي ويعزز الانتماء المجتمعي.
– ضمان حضور اللغة في المدارس، ما يساعد الأجيال القادمة على تعلمها وفهم قيمتها.
– تعزيز الأنشطة الثقافية: تنظيم مهرجانات وفعاليات تُبرز الثقافة الأمازيغية وتجعلها أقرب للناس.
– إدراج الأمازيغية في اللافتات العامة والإعلام والخدمات الحكومية.
– توعية الأسر بأهمية نقل اللغة للأطفال للحفاظ على استمراريتها.
اللغة الأمازيغية ليست مجرد كلمات تُنسى أو تُذكر؛ إنها شهادة حية على حضارة عريقة تستحق البقاء. إنقاذها واجب جماعي يتطلب تعاونًا بين الحكومات والمجتمع المدني والعائلات. مليلية تمتلك فرصة ذهبية لتكون نموذجًا عالميًا يحتفي بالتنوع الثقافي ويعزز التعايش اللغوي.
مليلية، بجغرافيتها وتنوعها الثقافي، تحتضن اللغة الأمازيغية كهوية أصيلة مهددة بالاندثار. تواجه الأمازيغية تحديات تشمل التهميش المؤسسي، ضعف انتقالها بين الأجيال، وتأثير العولمة. الحفاظ على هذه اللغة يتطلب دمجها في التعليم، دعم الأنشطة الثقافية، وتعزيز وجودها في الفضاء العام. حماية الأمازيغية ليست واجبًا ثقافيًا فحسب، بل مسؤولية إنسانية للحفاظ على إرث إنساني فريد يمثل جزءًا من ثراء مليلية الثقافي.
– عبد الرحيم محمد حمو : باحث
12/01/2025