كشف البنك الدولي عن صورة شاملة للاقتصاد العالمي الذي يواجه جملة من التحديات الهيكلية في ظل تباطؤ النمو العالمي. وفي صدارة الدول المتأثرة، يظهر المغرب كواحد من أبرز الاقتصادات الناشئة التي تسعى للتعامل مع هذه التحديات وتوظيف الفرص المتاحة لتحقيق التنمية المستدامة، وفقا للتقرير الصادر في يناير 2025 ضمن سلسلة “الآفاق الاقتصادية العالمية”.
أوضح التقرير أن المغرب يواجه تحديات هيكلية كبيرة تتعلق بندرة المياه وتغير المناخ، وهما عاملان يؤديان إلى تأثيرات عميقة على الإنتاج الزراعي والبنية التحتية، مع ما يصاحب ذلك من انعكاسات على الأمن الغذائي. وأشار البنك الدولي إلى أن “ندرة المياه تمثل أحد أكبر التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه المغرب وتونس في المنطقة”، مما يتطلب استثمارات عاجلة في البنية التحتية المائية والسياسات التكيفية للحد من هذه الآثار وتعزيز الأمن الغذائي.
ولفت التقرير إلى أن المغرب يتبع سياسات مالية تهدف إلى تحقيق استدامة اقتصادية طويلة الأمد من خلال زيادة الإيرادات الضريبية وترشيد النفقات الحكومية، وهو ما يتيح هامشًا أكبر للاستثمار في القطاعات الاستراتيجية، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة الذكية. وتأتي هذه الجهود في إطار رؤية المغرب لتطوير اقتصاده الوطني وتنويع مصادره، بما في ذلك توسيع استخدام الطاقات النظيفة ومواجهة تأثيرات التغير المناخي التي تزيد من حدة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
الاستثمارات في الطاقات المتجددة مثل مشروع نور للطاقة الشمسية في المغرب ، تبرز كأحد الحلول الواعدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. كما أن تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجالات إدارة المياه وتبادل التكنولوجيا يمكن أن يسهم في تحسين قدرة المغرب على مواجهة تحديات التغير المناخي. وأضاف التقرير أن تحسين رأس المال البشري وزيادة شمولية سوق العمل سيكونان من الركائز الأساسية لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية الاجتماعية.
في ظل هذه الصورة المتشابكة، تبقى الحاجة إلى سياسات فعالة ومستدامة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. فعلى المغرب، كجزء من اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن يوازن بين تحقيق الأهداف التنموية ومواجهة الآثار المدمرة للتغير المناخي، وفقا لتوصيات البنك الدولي الذي أشار في تقريره إلى أن “التدخلات السياسية والاقتصادية الحاسمة هي المفتاح لتحقيق نمو أكثر استدامة ووضع الاقتصادات الناشئة على مسار أكثر إيجابية في العقود المقبلة”.
كواليس الريف: متابعة
24/01/2025