تصريحات فوزي لقجع بشأن أزمة اللحوم الحمراء في المغرب تعكس وعياً داخل فئة من الوزراؤ داخل حكومة أخنوش بضرورة اتخاذ قرارات حاسمة وإجراءات عملية لإعادة تكوين القطيع الوطني، في ظل التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي. وأبرز ما جاء في حديثه هو تشخيصه الواقعي للأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار وتدهور القطيع، مثل موجة الجفاف وأزمة الأعلاف التي تفاقمت بفعل الحرب الروسية، إضافة إلى الممارسات المحلية غير المستدامة مثل ذبح الإناث.
الاقتراح الذي طرحه لقجع بوقف استهلاك القطيع الوطني، وخاصة إناث الماشية، واستبدال الطلب المحلي بالاستيراد خلال فترة انتقالية، يشكل رؤية اقتصادية تهدف إلى تحقيق توازن بين العرض والطلب على المدى البعيد. إلا أن التوصية بإلغاء عيد الأضحى، الذي يمثل شعيرة دينية واجتماعية مهمة، قد تثير جدلاً واسعاً بين مختلف شرائح المجتمع، مما يتطلب نقاشاً وطنياً أوسع للوصول إلى حلول مقبولة توازن بين الضرورات الاقتصادية والاجتماعية.
الواقع أن المغرب مطالب اليوم بوضع استراتيجية شاملة لإعادة هيكلة قطاع اللحوم، ترتكز على تشجيع الاستثمار في الإنتاج المحلي، وتوفير دعم مباشر للكسابة، وتحسين إدارة الموارد المائية لمواجهة تداعيات الجفاف. كما أن تعزيز السياسات الحمائية على غرار ما قامت به دول أخرى يمكن أن يسهم في تقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية وضمان استدامة القطيع الوطني.
في ظل هذه المعطيات، يظهر أن الحلول الترقيعية قصيرة المدى لن تكون كافية لمواجهة التحديات الراهنة، بل المطلوب هو رؤية إصلاحية جذرية تضع في الاعتبار مصلحة الفلاحين والمستهلكين معاً، وتحقق الاكتفاء الذاتي الغذائي الذي يُعتبر أولوية استراتيجية للمغرب.
24/01/2025