تشير بيانات جديدة صادرة عن بنك المغرب إلى تصاعد لجوء زبائن البنوك، ولا سيما الأجراء، إلى “تسهيلات الصندوق” و”السحب على الحسابات المكشوفة” لتغطية النفقات الشهرية، ما أدى إلى ارتفاع قيمة هذه السحوبات إلى 9 مليارات درهم، أي 900 مليار سنتيم. هذا التوجه يثير المخاوف من تزايد القروض المعلقة الأداء، حيث إن هذه التسهيلات تعد في جوهرها قروضًا متجددة تفرض عليها رسوم وعمولات إضافية. كما تعكس هذه الأرقام الصعوبات المالية التي تواجهها الأسر، خصوصًا مع تسجيل المندوبية السامية للتخطيط أن 41.2 في المائة من الأسر استنزفت مدخراتها أو لجأت إلى الاقتراض خلال الفصل الرابع من العام الماضي، فيما أعربت 88.9 في المائة من العائلات المستجوبة عن عدم قدرتها على الادخار خلال الـ 12 شهرًا المقبلة.
ورغم أن السحب على الحسابات المكشوفة يمنح للأسر هامشًا من “الراحة النقدية” المؤقتة، إلا أنه يمثل خطورة كبيرة بسبب الاعتماد المتزايد على الديون قصيرة الأجل لتغطية النفقات اليومية، ما يؤدي إلى تفاقم الأعباء المالية. في هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي محمد يازيدي شافعي أن تنامي هذا النوع من الاقتراض يشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المالي للأسر، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. وأشار إلى أن نسبة الأسر التي تعتمد على هذه التسهيلات ارتفعت بنسبة 15 في المائة خلال العامين الماضيين، محذرًا من أن استمرار هذا الاتجاه قد يدفع شريحة واسعة من العائلات إلى العجز عن الوفاء بالتزاماتها المالية، حيث يواجه 40 في المائة من مستخدمي هذه الحسابات صعوبات في سداد ديونهم على المدى الطويل، ما يجعل هذه الحلول الائتمانية مجرد تأجيل للمشكلات المالية بدلًا من حلها.
من جهة أخرى، يعتبر السحب على الحسابات المكشوفة مصدر ربح أساسي للبنوك، حيث تفرض فوائد مرتفعة تتراوح بين 12 و20 في المائة سنويًا، ما يعزز عائداتها بشكل مستمر. وأوضح المستشار المالي سليم شهابي أن بعض الزبائن يلجؤون إلى هذا المنتج كحل تمويلي دائم، ما يؤدي إلى تراكم الفوائد وزيادة الأعباء المالية عليهم. وعلى الرغم من توفر بدائل مثل بطاقات الائتمان والقروض قصيرة الأجل، إلا أن هذه الخيارات ليست في متناول الجميع، ما يدفع كثيرين إلى الاستمرار في استخدام الحسابات المكشوفة. في المقابل، تتبنى بعض الدول الأوروبية تشريعات صارمة لضبط هذا النوع من المنتجات الائتمانية، فيما لا تزال دول أخرى تفتقر إلى رقابة كافية، ما يترك المستهلكين عرضة لأعباء مالية متزايدة.
30/01/2025