أعرب ميغيل مارين، مستشار التنمية في مليلية المحتلة، عن تشكيكه في جدوى الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي-مارلاسكا، إلى المدينة. وخلال مؤتمر صحفي عقد يوم الأربعاء، على هامش الزيارة ، عبر مارين عن خيبة أمله بسبب غياب التزامات ملموسة من جانب وزير الداخلية، مؤكدًا أن “المهم ليس الزيارات، بل الأفعال”. وأضاف: “عندما يتحمل شخص مسؤولية في الحكومة، ما يُطلب منه هو الأفعال وليس مجرد الزيارات”.
وانتقد مارين عدم إعلان مارلاسكا عن إجراءات فعالة لتحسين الأمن في مليلية، مثل زيادة عدد أفراد الحرس المدني والشرطة الوطنية. وقال مستنكرًا: “إذا جاء ليعلن عن تعزيز قوات الأمن، سنكون ممتنين، ولكن إذا جاء فقط دون فعل شيء، فمن الأفضل أن يبقى حيث هو”. كما شدد على ضرورة إنشاء مناصب مخصصة في الحرس المدني والشرطة الوطنية، خاصة في المنافذ الحدودية.
لطالما كانت إدارة الحدود قضية حساسة في مليلية السليبة. وأشاد مارين بجهود قوات الأمن الإسبانية، لكنه انتقد موقف مارلاسكا بشأن سياسة الإعادة الفورية على الحدود. وأعرب عن خشيته من أن يؤدي إلغاء هذه السياسة إلى زيادة تدفق الهجرة غير النظامية.
وأوضح قائلاً: “إذا كانت هذه السياسة قد نجحت، فمن المنطقي أن تستمر، لأن إلغاؤها سيشجع المزيد من المهاجرين غير النظاميين على محاولة الدخول إلى البلاد”.
وأكد مارين أن تبعات هذا القرار لن تؤثر فقط على مليلية، بل على إسبانيا بأكملها، ووصفه بأنه “خطأ كبير”. كما شدد على أن الحكومة المركزية يجب أن تقدم حلولًا واقعية بدلًا من اتخاذ تدابير قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة.
من المنظور المغربي، فإن النقاش حول الأمن والهجرة في مليلية المحتلة لا يمكن فصله عن الوضع الاستعماري غير المشروع الذي لا يزال مستمرًا منذ قرون. فالمغرب يعتبر مليلية جزءًا لا يتجزأ من أراضيه، وأي حديث عن تحسين الأمن يجب أن يمر عبر إعادة المدينة إلى سيادتها الحقيقية.
في هذا السياق، يطرح المغرب مقاربة مختلفة تقوم على التنمية والتعاون الإقليمي، بدلًا من تكريس عقلية الحصار الأمني والتعزيزات العسكرية التي تسعى إليها الحكومة الإسبانية. فبدلًا من المطالبة بزيادة عدد عناصر الحرس المدني، ينبغي التركيز على تحقيق تنمية اقتصادية شاملة للمنطقة، وفتح قنوات التعاون مع المغرب لإيجاد حلول مستدامة لمشاكل الحدود والهجرة.
تعكس تصريحات مارين التوتر القائم بين الحكومة المحلية لمليلية والحكومة المركزية الإسبانية، حيث لا تزال إدارة الحدود والأمن من أبرز نقاط الخلاف. غير أن هذا التوتر يعكس أزمة أعمق في العلاقة بين إسبانيا ومليلية، حيث تشعر المدينة بأن مدريد لا تمنحها الاهتمام الكافي، في الوقت الذي تعاني فيه من ركود اقتصادي وتحديات ديموغرافية.
لكن من وجهة النظر المغربية، فإن الحل ليس في تقديم المزيد من الامتيازات لمليلية داخل إطار الحكم الإسباني، بل في إعادة المدينة إلى حضنها الطبيعي، أي المغرب. فطالما استمر الاحتلال، ستظل الأزمات قائمة، سواء كانت متعلقة بالهجرة، أو الأمن، أو الاقتصاد.
واختتم مارين حديثه قائلاً: “المدينة بحاجة إلى أفعال وليس مجرد زيارات عديمة الفائدة”، لكن الحقيقة التي لا يريد الاعتراف بها هي أن الأفعال الحقيقية تبدأ بإعادة الحقوق إلى أصحابها، وإنهاء الاحتلال غير المشروع للمدينة.
05/02/2025