بعد أيام قليلة من تهنئة الملك محمد السادس للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع بتوليه قيادة البلاد في المرحلة الانتقالية، قام وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بزيارة رسمية إلى دمشق، في خطوة أثارت تساؤلات حول دوافعها وسياقاتها الإقليمية. وتأتي هذه الزيارة عقب سقوط نظام بشار الأسد، الذي كان يحظى بدعم الجزائر، وصعود قيادة جديدة تحمل رؤى مغايرة في السياسة الداخلية والخارجية. ويُنظر إلى أحمد الشرع كشخصية محورية في إعادة رسم المشهد السوري، بعدما كان يُعتبر من قبل النظام الجزائري “إرهابياً”، في تناقض يعكس تغير المواقف السياسية في المنطقة.
ويبدو أن النظام الجزائري، الذي طالما دعم ما كان يصفه بشار الأسد بـ”الحرب على الإرهاب”، يجد نفسه اليوم مضطراً للتعامل مع معطيات جديدة فرضها الواقع السياسي. وعلى الرغم من أن تقارب الجزائر مع القيادة السورية الجديدة كان متوقعاً بحكم التغيرات الإقليمية، إلا أن سرعة حدوثه فاجأت المراقبين، خاصة أن الجزائر لا تزال تصر على أولوية دعم جبهة البوليساريو في سياستها الخارجية. ويضع بعض المحللين هذه الزيارة في سياق محاولة قطع الطريق أمام أي تقارب مغربي سوري، خصوصاً بعد الرسالة التي بعث بها العاهل المغربي إلى الرئيس السوري الجديد، والتي عكست توجهاً نحو تعزيز العلاقات بين الرباط ودمشق.
ويرى المراقبون أن سقوط نظام الأسد شكل ضربة لمحور الممانعة في المنطقة، الذي كانت الجزائر تعتبر نفسها جزءاً منه، ما زاد من عزلتها السياسية. ويشير محللون إلى أن القيادة السورية الجديدة تسعى للعودة إلى الصف العربي والانخراط في القضايا التي تحظى بإجماع الدول العربية، ومنها قضية الصحراء المغربية، وهو ما يتناقض مع المواقف الجزائرية التقليدية. في المقابل، تبدو محاولات الجزائر للحفاظ على نفوذها في سوريا محفوفة بالعقبات، خاصة مع رغبة دمشق في تبني نهج سياسي جديد أكثر انسجاماً مع التوجهات العربية الكبرى، ما يجعل من الصعب إعادة بناء التحالفات القديمة التي كانت قائمة في عهد بشار الأسد.
10/02/2025