بقلم : صلاح الدين الأحمدي
في خطوة لافتة، تضمن قانون المالية لسنة 2025 زيادة حصة الجماعات الترابية من مداخيل الضريبة على القيمة المضافة من 30% إلى 32%. هذه الزيادة، التي دخلت حيز التنفيذ في فاتح يناير، أثارت ارتياحًا كبيرًا في صفوف الجماعات، خاصة القروية منها، التي تعاني هشاشة في مواردها الذاتية وتعتمد بشكل أساسي على تحويلات الدولة لتمويل ميزانياتها.
دعم مالي أم استدامة وهمية؟
تُشكل عائدات الضريبة على القيمة المضافة مصدرًا رئيسيًا لتمويل الجماعات، حيث بلغت 13.45 مليار درهم وفق بيانات الخزينة العامة للمملكة. ورغم استقرار هذا الرقم، إلا أن تدبير هذه الموارد يواجه تحديات كبيرة، أبرزها سوء الحكامة وضعف الرقابة وانتشار الفساد الإداري.
رفع الحصة بنسبة 2% يُنظر إليه كخطوة لتعزيز الاستقلال المالي للجماعات، لكنه في المقابل يسلط الضوء على إشكالية أعمق: استمرار الجماعات في الاعتماد على المساعدات المركزية بدل تنويع مصادر دخلها. ورغم الدعوات المتكررة لتحفيز الاستثمار المحلي وتحسين التحصيل الضريبي، لا تزال العديد من الجماعات عاجزة عن خلق موارد ذاتية كافية، ما يدفعها إلى اللجوء إلى القروض لتغطية العجز، مما يزيد من أعبائها المالية المستقبلية.
ضعف الرقابة وتفاوت التوزيع
أحد أبرز التحديات التي تطرحها هذه الزيادة هو مدى عدالة توزيعها بين الجماعات، خصوصًا في ظل التفاوتات التنموية الكبيرة بين المناطق الحضرية والقروية. غياب آليات شفافة لمراقبة صرف هذه الأموال قد يؤدي إلى استمرار سوء التدبير وإهدار الموارد في مشاريع غير ذات جدوى. كما أن ضعف آليات الرقابة، سواء الداخلية أو الخارجية، يعزز من احتمالية تفشي الفساد وسوء التخطيط المالي.
هل تنجح الجماعات في كسر حلقة الاتكالية؟
الرهان الحقيقي أمام الجماعات الترابية اليوم ليس فقط الاستفادة من هذه الزيادة، بل استثمارها بذكاء لتعزيز قدراتها المالية وضمان استدامتها. تحقيق ذلك يتطلب إصلاحات جذرية في الحكامة المحلية، وتحفيز الاستثمارات المنتجة، وتعزيز الرقابة لضمان حسن تدبير الموارد.
في النهاية، تبقى هذه الخطوة اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجالس المنتخبة على إدارة مواردها بفعالية، بعيدًا عن الاتكالية المزمنة التي ظلت تطبع تدبير الشأن المحلي لسنوات. فهل ستكون هذه الزيادة بداية لتحقيق الاستقلال المالي، أم مجرد مسكنات مؤقتة في انتظار أزمة مالية قادمة؟.
17/02/2025