يحيي الشعب الليبي الذكرى الرابعة عشرة لثورة 17 فبراير، التي أنهت أربعة عقود من حكم معمر القذافي، وسط مشهد سياسي وأمني معقد يهدد استقرار البلاد. فقد باتت آمال الليبيين في بناء دولة ديمقراطية تصطدم بواقع الانقسامات السياسية، والتناحر على السلطة والثروة، والتدخلات الأجنبية التي تعمّق الأزمة. وبينما لا تزال ليبيا تحاول التخلص من إرث الماضي، تتفاقم الصراعات بين القوى المتنازعة في طرابلس وبنغازي، مما يجعل الوصول إلى تسوية سياسية مستدامة أمرًا بالغ الصعوبة.
في ظل هذه التعقيدات، يبرز الدور المغربي كفاعل أساسي في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، إذ كانت المملكة من أوائل الدول التي استضافت جولات الحوار السياسي، مقدمة منصة محايدة للحوار بعيدًا عن الاصطفافات الإقليمية. وساهمت جهود الرباط، من اتفاق الصخيرات إلى مشاورات بوزنيقة، في توفير أرضية توافقية لاستعادة الاستقرار، وهو ما عزز مكانتها كوسيط موثوق به إقليميًا ودوليًا. ورغم العقبات التي تعترض المسار السياسي الليبي، يظل الدور المغربي محط تقدير، خاصة أنه قائم على الدبلوماسية الهادئة والنهج المتوازن، بعيدًا عن أي تدخل يمس سيادة القرار الليبي.
ويرى خبراء أن ليبيا ما بعد القذافي لم تتمكن بعد من بناء مؤسسات دولة قادرة على تجاوز الصراعات الأيديولوجية والسياسية، بسبب إرث النظام السابق، الذي عزز الولاءات القبلية وأضعف المؤسسات المدنية. ومع سقوط السلاح بيد الفصائل المسلحة، تعمّقت الأزمة، وأصبح التوصل إلى حل سياسي أكثر تعقيدًا. لكن المغرب، الذي تبنى منذ البداية سياسة عدم التدخل المباشر، واصل دعمه لحل سياسي توافقي، مؤكدًا أن مستقبل ليبيا يجب أن يصنعه الليبيون أنفسهم، وهو ما أكسبه ثقة مختلف الأطراف الليبية والمجتمع الدولي على حد سواء.
17/02/2025