يبدو أن تساسنت قد تحولت إلى بقعة منسية على خريطة جماعة أزمورن، فلا هي قروية تُحسب ضمن مشاريع التنمية القروية، ولا هي حضرية تستفيد من تأهيل المراكز الحضرية. إنها أشبه بمنطقة محظورة، محرومة من كل الحقوق الأساسية، وكأنها دخلت في صفقة صامتة بين المسؤولين: “لا تنمية.. لا خدمات.. ولا حتى وعود كاذبة جديدة”!
مشاريع البنية التحتية هنا لا تخضع لدراسات تقنية ولا لاحتياجات الساكنة، بل لحسابات دقيقة: مَن مِن أعضاء المجلس لديه نفوذ في المنطقة؟ مَن تربطه علاقات قرابة مع أصحاب القرار؟ إذا كنت تملك مفتاح هذه المعادلة، فقد تحصل على طريق معبّد أو ربط بالماء والكهرباء، أما إن كنت من “العامة”، فحظًا سعيدًا مع الأتربة والمياه الملوثة والأسلاك الكهربائية المتدلية التي تحوّلت إلى مصائد يومية للأطفال.
المثير للسخرية أن تساسنت ليست قرية معزولة في أعماق الجبال، بل هي امتداد حضري لمدينة الحسيمة، ببنايات حديثة ونمو عمراني مطرد. ومع ذلك، فالمشهد أقرب إلى “عشوائية متعمدة”: طرق تصلح فقط لمغامرات الدفع الرباعي، مدرسة ابتدائية وُعد بها السكان لكنها طارت مع أول جلسة للمجلس، وخدمات النظافة التي يبدو أنها لا تليق بمقام أعضاء الجماعة، ففضلوا تخصيصها لمناطقهم الشخصية، تاركين ساكنة تساسنت وسط أكوام القمامة والحاويات المهترئة.
الطامة الكبرى أن الجماعة تدفع مبالغ مالية ضخمة لمجموعة نكور غيس للنظافة، لكن أين تذهب هذه الأموال؟ لا أحد يعلم! كما أن هناك عمالًا موسميين مسجلين في الميزانية، لكن لا أثر لهم على أرض الواقع، وكأنهم أشباح تستلم رواتبها دون أن يعرف أحد وظيفتها!
أما خدمات الماء والكهرباء، فهي أشبه بنظام “VIP”، تُمنح وفق تقديرات انتخابية بحتة، وليس بناءً على حاجة السكان. شركات الاتصالات بدورها دخلت على الخط، لتُضيف لمسة فوضى على المشهد، عبر أسلاك كهربائية وهاتفية تتدلى في كل مكان، محوّلة الحي إلى “مختبر مفتوح” للحوادث القاتلة.
باختصار، تساسنت ليست مجرد منطقة مهمّشة، بل هي ضحية لجريمة تنموية تُرتكب بدم بارد من قبل مجلس الجماعة، الذي يبدو أنه اتخذ قرارًا نهائيًا بإبقاء هذا الحي في حالة موت سريري. إنها ليست مجرد سياسة فاشلة، بل مخطط إقصائي محكم يُديرونه بدهاء، تاركين السكان يتساءلون: هل نحن جزء من هذه الجماعة أم مجرد أصوات تُستعمل في موسم الانتخابات ثم تُلقى في مزبلة النسيان؟!
18/02/2025