لم تتم أول عملية تصدير وعبور للأسماك من ميناء بني انصار الناظور إلى مليلية المحتلة بعد إعادة فتح الجمارك التجارية، والتي كان من المقرر أن تتم أمس الثلاثاء , 18 فبراير الجاري، ورغم التوقعات ببدء تدفق المنتجات المغربية إلى المدينة، لم تدخل أي شحنة تجارية طوال أمس ، مما أثار تساؤلات واسعة حول أسباب التأخير ومدى تأثيره على السوق المحلي والتجار في الجانبين.
أكدت مندوبية الحكومة الإسبانية في مليلية لوكالة الأنباء الإسبانية (EFE) أنه لم يطرأ أي جديد بخصوص دخول الأسماك، على الرغم من تأكيدات سابقة من الجهات الرسمية بأن العملية “من المحتمل” أن تتم يوم الثلاثاء، وهو ما لم يتحقق في النهاية، مما عزز حالة الغموض بشأن مستقبل الاتفاقيات التجارية بين المغرب وإسبانيا.
في ظل الترقب الكبير، كانت الاستعدادات قد بلغت ذروتها الأسبوع الماضي، حيث عُقد اجتماع رفيع المستوى برئاسة مندوبة الحكومة الإسبانية، صابرينا موح، بحضور شخصيات بارزة من مختلف القطاعات، من بينهم مديرة قسم الزراعة والصيد البحري، ورئيس مصلحة الجمارك، وقادة من الحرس المدني، بالإضافة إلى صاحب نقطة التفتيش الصحية بميناء مليلية ، وكان الهدف من الاجتماع ضبط آخر الترتيبات اللوجستية والإجرائية لبدء استيراد الأسماك من الحدوظ البرية مع المغرب.
وأشارت مندوبية الحكومة الإسبانية في وقت سابق إلى أن استئناف استيراد المنتجات المغربية، خصوصًا الأسماك، يمثل خطوة نحو “التطبيع التدريجي لحركة السلع” بعد أن تم بالفعل تصدير ثلاث شحنات تجارية من الأجهزة الكهربائية إلى المغرب. واعتُبرت هذه العملية بمثابة مؤشر على تحسن العلاقات التجارية بين الطرفين بعد فترة طويلة من الجمود، خاصة بعد الأزمة الدبلوماسية التي شهدتها العلاقات المغربية الإسبانية.
رغم كل هذه الاستعدادات، لم يشهد الوضع أي تطور إيجابي بحلول مساء الثلاثاء، حيث أكدت مندوبية الحكومة الإسبانية أن لا جديد بشأن دخول الأسماك، مؤكدة أن أي معلومات جديدة سيتم الإعلان عنها فور توفرها، دون تحديد موعد جديد للشحنة الأولى.
هذا التأجيل أثار حالة من القلق بين التجار في مليلية، الذين كانوا يعولون على هذه الشحنة لتوفير الأسماك الطازجة التي يعتمد عليها سكان المدينة المحتلة بشكل كبير، نظرًا لجودتها وأسعارها التنافسية مقارنة بالمنتجات الإسبانية. كما أن استمرار التأخير قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسماك في السوق المحلي، مما قد ينعكس على القدرة الشرائية للمستهلكين.
يُذكر أن آخر شحنة تجارية من الأسماك تم إرسالها من المغرب إلى مليلية كانت في مارس 2020، قبل حوالي أربع سنوات، وذلك قبل إغلاق الحدود البرية بسبب أزمة جائحة كورونا. ومنذ ذلك الحين، ظلت العلاقات التجارية بين المغرب ومليلية مجمدة، وسط مطالبات محلية في المدينة بضرورة استعادة النشاط التجاري، خاصة في ظل تأثر الاقتصاد المحلي بسبب القيود التجارية.
ومع هذا التعثر الجديد، تُطرح تساؤلات حول ما إذا كان التأخير سببه عوائق لوجستية أم أنه نتيجة خلافات سياسية أو عراقيل بيروقراطية، خاصة في ظل التطورات الأخيرة في العلاقات المغربية الإسبانية. كما أن إعادة فتح الجمارك التجارية بين الناظور ومليلية كان يُنظر إليها على أنها خطوة إيجابية نحو إعادة تفعيل العلاقات التجارية، إلا أن التأخير المتكرر قد يعكس صعوبات غير معلنة قد تؤثر على مستقبل هذه المبادرات.
يظل مستقبل حركة الاستيراد والتصدير بين المغرب ومليلية رهينًا بمدى قدرة الطرفين على تجاوز أي عوائق قد تعترض طريق هذا التعاون التجاري، سواء كانت سياسية أو إدارية. وبينما يترقب التجار والمستهلكون موعد استئناف استيراد الأسماك، يبقى السؤال الأهم: هل ستعود الحركة التجارية إلى طبيعتها، أم أن هناك مزيدًا من العراقيل في الأفق
19/02/2025