تواجه مدينة السعيدية، التي تلقب ب “الجوهرة الزرقاء” ، خطرًا حقيقيًا بسبب تغول لوبيات العقار، التي تضغط لتغيير تصميم التهيئة لخدمة مصالحها، على حساب الطابع العمراني والتاريخي للمدينة … إذ يسعى هؤلاء النافذون إلى رفع الطوابق، وبناء عمارات بدل المساحات الخضراء، وتحويل أراضي الفيلات إلى مشاريع سكن اقتصادي، بل وضم أراضٍ جديدة لتحويلها إلى تجزئات عقارية، في مسلسل من الاستغلال الجشع للثغرات القانونية والتواطؤ مع بعض المسؤولين.
ويرى متتبعون أن هذه الممارسات تشكل تهديدًا مباشرًا لهوية المدينة التي تحمل إرثًا ثقافيًا ضاربًا في القدم، مرتبطًا بقبائل أولاد منصور ، كما أن هذه “المافيا العقارية”، التي تضم منتخبين وسماسرة ومستثمرين نافذين، لا تتورع عن استغلال الفئات الهشة، خصوصًا العاملين في البناء، عبر إيهامهم بأن مشاريعها تمثل فرصًا تنموية، فيما الحقيقة أنها تسرّع وتيرة التدمير الممنهج للبنية التحتية والسياحية للمدينة.
وفي ظل هذا الوضع، تتعالى الأصوات المطالِبة بإيفاد لجنة تفتيش،مركزية لفتح تحقيق معمق حول التجاوزات، خاصة فيما يتعلق بالتهرب الضريبي وعدم التصريح بالممتلكات … فالسعيدية اليوم أمام مفترق طرق : إما إنقاذ ما تبقى من هويتها وجمالها عبر تدخل حازم، أو تركها فريسة لجشع المضاربين العقاريين، وهو ما سيؤدي إلى طمس معالمها وتحويلها إلى كتل إسمنتية تفتقد لكل مقومات الجاذبية.
19/02/2025