الحرس المدني يؤكد وجود مدخل واحد فقط، لكن المغرب مطالب بالكشف عن المخارج | ليس عملاً عشوائيًا
لم يكن هذا النفق مشروعًا للهواة، وبالتأكيد لم يكن مجرد محاولة بدائية للتهريب. النفق الذي اكتشفه الحرس المدني الإسباني في سبتة، خلال المرحلة الثالثة من العملية الخاصة بمكافحة المخدرات، تم تشييده بدقة متناهية، ما يعكس أنه من تنفيذ مختصين في هذا المجال، دون ترك أي مجال للخطأ.
وفقًا للتحقيقات الأولية، فإن النفق لم يكن مجرد بقايا قديمة أو ممراً تم إعادة استخدامه، بل تم بناؤه خصيصًا لتهريب الحشيش من المغرب إلى سبتة. وكانت وجهته النهائية هي الشاحنات والمقطورات التي تمر عبر الموانئ لنقل المخدرات إلى شبه الجزيرة الإيبيرية.
المثير في القضية أن بعض الشاحنات كانت تمر عبر نقاط التفتيش بتواطؤ من عناصر فاسدة داخل الحرس المدني، حيث لم تخضع للفحص المطلوب، ما سمح بمرور كميات كبيرة من المخدرات دون عراقيل. وأسفرت العملية حتى الآن عن اعتقال 14 شخصًا، من بينهم السياسي وموظف السجون محمد علي دواس، مما يكشف مدى تعقيد الشبكة المتورطة.
لا يزال الحرس المدني يفرض طوقًا أمنيًا محكمًا حول المنطقة التي تم فيها اكتشاف النفق، لا سيما في منطقة تاراخال، حيث شوهدت حركة مستمرة للمركبات، مع تعزيزات أمنية من وحدة التدخل السريع (GAR) لمنع الصحفيين من الاقتراب من المستودع الذي احتوى على هذا النفق السري.
حتى الآن، تم التحقق من وجود مدخل واحد فقط لهذا النفق، وهو ما تم اكتشافه داخل الأراضي الإسبانية. لكن يظل الجزء الأكثر حساسية في التحقيق معلقًا بانتظار تعاون السلطات المغربية، إذ تقع المخارج المحتملة داخل التراب المغربي، ما يجعل تدخل أجهزته الأمنية ضروريًا لتحديد مسارات النفق بدقة.
هذا التعاون يخضع لإجراءات قانونية من خلال المحكمة المركزية رقم 3 في المحكمة الوطنية الإسبانية، والتي تتولى الإشراف على التحقيق، حيث سترسل طلبات رسمية للسلطات المغربية للكشف عن مسارات المخارج وما إذا كان النفق يتفرع إلى عدة مسارات أخرى.
يبقى السؤال الأساسي: إلى أين يمتد هذا النفق؟ سيتمكن المحققون من الإجابة عليه بمجرد تدخل السلطات المغربية. جغرافيًا، يقع الجزء الخلفي من المستودع الذي اكتُشف فيه النفق في منطقة تضم منازل صغيرة وقاعدة عسكرية مغربية مكلفة بمراقبة السياج الحدودي، مما قد يعطي إشارات حول وجهة النفق.
هذه الفرق تُعتبر وحدات نُخبوية، تمتلك تقنيات متطورة لكشف الممرات السرية والمنشآت المخفية التي قد لا تُرى بالعين المجردة. وتُعد مشاركتها في التحقيق مؤشرًا على مدى خطورة وتعقيد هذه القضية.
يكشف هذا الاكتشاف عن مدى تطور شبكات التهريب التي تستخدم تقنيات هندسية متقدمة في عملياتها، مما يستدعي تعزيز التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا لكشف المزيد من التفاصيل حول هذا النفق وغيره من الممرات المشابهة المحتملة. كما يثير التساؤلات حول مدى تغلغل الجريمة المنظمة داخل بعض الأجهزة الأمنية، وضرورة فرض رقابة صارمة لمنع مثل هذه الاختراقات الخطيرة مستقبلاً.
20/02/2025