يبدو أن الحكومة المغربية تحولت إلى مسرحية هزلية، حيث يجلس الحلفاء جنبًا إلى جنب في مجلس الحكومة ، وفي المآدب والدشينات وحتى النشاط … ثم يخرجون مساءً ليمارسوا رياضة التلاسن السياسي وكأنهم في معركة انتخابية مبكرة. فها هما حزبا الأصالة والمعاصرة والاستقلال، شريكان في حكومة واحدة، لكنهما لا يضيعان فرصة لانتقاد رئيسها، عزيز أخنوش، وكأنهما يعارضان أنفسهما!
في هذا المشهد المثير، لم تتردد وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، في تسديد سهامها نحو أخنوش، متحدثة عن تضارب المصالح وكأنها اكتشفت لتوها أن الشمس تشرق من الشرق! فقد أشارت، دون رتوش أو مجاملة، إلى أن رئيس الحكومة يشرف على صفقات عمومية تستفيد منها شركاته، في وضع لا يحتاج إلى خبراء قانونيين لاستنتاج أنه يضع قبعة الحَكَم واللاعب في آنٍ واحد.
لكن المفارقة أن هذه الانتقادات جاءت من داخل الحكومة نفسها، وكأن المغاربة أمام عرض سريالي حيث الوزراء يشتكون من الحكومة التي يديرونها، فيما رئيس الحكومة يكتفي بالصمت، ربما لأنه يعلم أن ذاكرة الناخبين قصيرة، أو لأنه ببساطة مشغول بعدّ أرباح الصفقات العمومية!
لم تكتف بنعلي المنتمية لحزب الأصالة والمعاصرة، بتوجيه السهام إلى رئيسها، بل زادت الطين بلة حين انتقدت تأخر المغرب في مجال الطاقات المتجددة. فبينما تتقدم الدول الأخرى بخطوات ثابتة نحو المستقبل، لا تزال المملكة تتعامل مع الأمر وكأنه مشروع مؤجل إلى إشعار آخر. والوزيرة هنا لم تلمح بل صرحت بكل وضوح: “التحديات تتطلب استراتيجيات مبتكرة”، في إشارة إلى أن الحكومة الحالية ربما تفضل استراتيجيات تقليدية مثل الجلوس وانتظار المعجزات.
وفي ختام عرضها الناري، تحدثت بنعلي عن أزمة الثقة بين المواطنين والسياسيين، وكأنها تكتشف ظاهرة جديدة، بينما يعلم الجميع أن هذه الثقة أصبحت سلعة نادرة مثل الوقود في أزمة طاقة. ورغم أن الانتخابات المقبلة يفترض أن تكون فرصة لاستعادة هذه الثقة، إلا أن أداء الحكومة الحالي يجعل هذا الهدف أقرب إلى حلم يقظة منه إلى واقع يمكن تحقيقه.
باختصار، يبدو أن الحكومة المغربية قررت أن تسرّع وتيرة “المعارضة من الداخل”، وربما علينا أن ننتظر لنرى إن كان الأمر مجرد استعراض انتخابي أم بداية لموسم سياسي أكثر سخونة من موجات الحر التي يعاني منها العالم بسبب التغير المناخي!
20/02/2025