في خطوة تعكس الاهتمام المتزايد بالتنوع الثقافي والديني في المدينة، وتزامنًا مع قرب حلول شهر رمضان الفضيل، قام حاكم مدينة مليلية المحتلة، خوان خوسيه إمبروضا، يوم الخميس، بزيارة مقر دار الثقافة الإسلامية، وذلك بدعوة من القائمين عليها. وقد رافقه في هذه الزيارة كل من ميغيل مارين، مستشار الاقتصاد والتجارة والابتكار التكنولوجي والسياحة والتنمية، وفضيلة مختار، مستشارة الثقافة والتراث الثقافي وكبار السن.
يقع مقر دار الثقافة الإسلامية في شارع الجنرال بولافيخا، ويُدار من قِبل الهيئة الإسلامية في مليلية. وقد انتقل هذا المركز إلى موقعه الحالي منذ ثلاث سنوات، بعد أن كان مقره السابق في شارع لوبي دي فيغا.
تُعد دار الثقافة الإسلامية منبرًا رئيسيًا لنشر القيم الإسلامية وتعزيز الهوية الثقافية، حيث تلعب دورًا محوريًا في تعليم اللغة العربية الفصحى، وتعزيز القيم الدينية، وتعريف الأجيال الصاعدة بتعاليم الإسلام السمحة، سواء للأطفال أو البالغين. كما تُعد ملتقى ثقافيًا يجمع المسلمين المقيمين في مليلية، ما يُعزز من تماسكهم الاجتماعي وهويتهم الإسلامية في ظل الظروف السياسية للمدينة المحتلة.
تُقدم الدار مجموعة واسعة من الأنشطة التعليمية والثقافية، تشمل: دروسًا في الإسلام والقيم الدينية، موجهة للأطفال والبالغين.
-برامج لتعليم اللغة العربية الفصحى، للحفاظ على الارتباط الثقافي والديني للمجتمع الإسلامي في المدينة.
-ندوات ومحاضرات دينية وثقافية، تستضيف نخبة من العلماء والمفكرين لتقديم رؤى مستنيرة حول مختلف القضايا الدينية والاجتماعية.
-مكتبة متخصصة في الدراسات الإسلامية والقرآن الكريم، تحتوي على كتب بالإسبانية والعربية، مما يجعلها مصدرًا مهمًا للباحثين والمهتمين بالثقافة الإسلامية.
-بيع منشورات دينية وثقافية، تساهم في نشر المعرفة وتعزيز الفهم الصحيح للإسلام بين مختلف الفئات المجتمعية.
وتعكس زيارة خوان خوسيه إمبروضا لهذه المؤسسة إدراك الحكومة المحلية لأهمية الدور الثقافي والديني الذي تلعبه دار الثقافة الإسلامية في المجتمع، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، الذي يُعتبر مناسبة دينية واجتماعية بارزة للمسلمين في مليلية.
تُواجه المساجد في مليلية المحتلة تحديات عدة مرتبطة بالإشراف الإداري والتوجهات الدينية. فمن المعروف أن: بعض مساجد المدينة تُدار من طرف مندوبية الأوقاف والشؤون الإسلامية بالناظور، مما يعزز ارتباطها بالمؤسسات الدينية المغربية الرسمية.
بحيث يوجد مسجد واحد فقط مملوك للدولة المغربية، بينما تُدار بعض المساجد الأخرى تحت تأثير الفكر الوهابي، وهو ما يشكل تحديًا للمغاربة القاطنين في مليلية، خصوصًا فيما يتعلق بالحفاظ على النهج الديني المعتدل الذي يتميز به المغرب.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك محاولات متكررة لتسييس الحقل الديني في المدينة، من خلال زيارات استخباراتية جزائرية، حيث حاولت بعض الجهات تمويل جمعيات دينية ومساجد في الجيب المحتل، بهدف التأثير على الخطاب الديني وتوجيهه نحو أهداف سياسية معينة. إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، بفضل الوعي المتزايد داخل المجتمع الإسلامي، والرقابة الصارمة على التمويلات الأجنبية المشبوهة.
تُعد دار الثقافة الإسلامية في مليلية المحتلة رمزًا أساسيًا للحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للمسلمين في المدينة، خاصة في ظل التحديات التي تواجههم. وتُسلط زيارة خوان خوسيه إمبروضا الضوء على الدور المتزايد لهذه المؤسسات في تعزيز التعليم الديني، وترسيخ القيم الإسلامية، والتصدي لأي محاولات خارجية لاستغلال الشأن الديني لأغراض سياسية.
ومع اقتراب شهر رمضان، تبرز أهمية مثل هذه المراكز في تعزيز الروابط المجتمعية، والحفاظ على التقاليد الدينية والثقافية للمسلمين في مليلية، مما يُؤكد أن هذه المؤسسات ليست مجرد دور تعليمية، بل حاضنات أساسية لهوية المجتمع الإسلامي في المدينة المحتلة.
23/02/2025