kawalisrif@hotmail.com

مليلية المحتلة … ازدواجية الخطاب الإسباني عند منتسبي السياسة

مليلية المحتلة … ازدواجية الخطاب الإسباني عند منتسبي السياسة

في ظل محاولات بعض السياسيين الإسبان تصوير أي تقدم في العلاقات التجارية بين المغرب وإسبانيا على أنه “إهانة” أو “تنازل”، تأتي تصريحات خافيير دييغو، منسق الكتلة البرلمانية لحزب ڤوكس اليميني المتطرف، لتكشف عن ازدواجية المعايير التي تنتهجها بعض الأطراف في مدريد.

دييغو، الذي أعرب عن استيائه من الاعتراف المغربي بالجمارك الدولية في مليلية، يرى أن مرور 1,900 يورو من الأسماك ليس إنجازًا يُحتفى به، بل مجرد إجراء إداري … لكن المثير للسخرية أن ذات الحزب الذي يرفض هذا “الاعتراف” يطالب بتجارة حدودية متبادلة، متناسياً أن المغرب يمتلك السيادة الكاملة على قراراته الحدودية، وله الحق في تحديد طبيعة المعاملات التجارية التي تتماشى مع مصالحه الاقتصادية والسياسية.

لطالما كان الموقف المغربي واضحًا بخصوص المدينتين المحتلتين، سبتة ومليلية، فهما جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، وأي تنظيم للحدود أو التبادل التجاري معهما يتم وفق رؤية مغربية سيادية. ولهذا، فإن استحداث الجمارك في مليلية لا يُعد “اعترافًا” كما تحاول بعض الأطراف تصويره، بل هو إجراء مغربي بحت يهدف إلى ضبط وتنظيم حركة السلع وفقًا للمصالح الاقتصادية للمملكة.

علاوة على ذلك، المغرب لم يضع يومًا رهانه على اقتصاد يعتمد على تهريب السلع أو التجارة غير النظامية، وهو ما جعل السلطات المغربية تتخذ قرارات إستراتيجية حاسمة، من بينها إغلاق المعابر التي كانت تستغل لتهريب البضائع من وإلى مليلية وسبتة، وإطلاق مشاريع اقتصادية بديلة في الجهة الشرقية والمناطق القريبة من المدينتين، لتعزيز التنمية المستدامة بعيدًا عن التبعية للأسواق الإسبانية.

تساءل دييغو عن “الجمارك الذكية” التي وعدت بها إسبانيا في مليلية، لكنه تجاهل أن أي خطوة بهذا الاتجاه يجب أن تتم عبر التنسيق مع المغرب. فلا يمكن الحديث عن تجارة أو إجراءات جمركية فعالة في منطقة لا تزال خاضعة لاحتلال إسباني، وتفتقر إلى اعتراف دولي واضح بسيادتها الإسبانية.

الواقع أن الجمارك “الذكية” لن تكون سوى سراب إذا لم تأخذ مدريد بعين الاعتبار التحولات الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة، حيث باتت المملكة المغربية تمثل قوة صاعدة في الشمال الإفريقي، بشراكات دولية واستثمارات استراتيجية، بينما لا تزال إسبانيا غارقة في خطابات استعمارية متجاوزة.

المغرب لا يتحرك وفق رغبات بعض السياسيين في إسبانيا، بل وفق مصالحه الإستراتيجية. لذلك، إذا كانت مدريد جادة في تطوير علاقاتها مع المغرب، فعليها أن تفكر في حل شامل لقضية المدينتين المحتلتين، بدلاً من التلاعب بالمصطلحات وإثارة الجدل حول إجراءات إدارية لن تغيّر من الواقع شيئًا.

أما بالنسبة لحزب ڤوكس ومن يدور في فلكه، فربما عليهم أن يدركوا أن المغرب لن يقبل بأي تواجد غير مشروع على أراضيه، سواء كان ذلك عبر “جمارك ذكية” أو غيرها من المحاولات العقيمة.

25/02/2025

Related Posts