لم يعد الحديث عن تدهور قطاع الصحة في الناظور مجرد تذمر عابر أو شكوى اعتباطية، بل أصبح حقيقة موثقة تؤكدها تقارير موثوقة، تكشف عن استشراء خروقات خطيرة في القطاعين العمومي والخاص. فمن غير المعقول أن يتحول الأطباء، الذين يُفترض فيهم تقديم الرعاية والعلاج، إلى تجار يستغلون حاجة المرضى، ويضعون صحة المواطنين في كفة، وأرباحهم الشخصية في كفة أخرى.
إذا كان أكثر من 70 في المائة من الأطباء في الناظور يفضلون مراكمة الثروة على أداء رسالتهم الإنسانية، وعلى حساب صحة المواطنين وجيوبهم … فليس غريبًا أن نجد المواطن الناظوري مضطرًا لشد الرحال إلى مدن مجاورة مثل بركان ووجدة، بل وحتى فاس والرباط، بحثًا عن خدمة صحية تحفظ كرامته قبل صحته … فالمستشفيات والمصحات بالناظور لم تعد ملاذًا آمنًا للمرضى، بل تحولت إلى سوق مفتوحة يتحدد فيها ثمن العلاج وفقًا لحجم الجيب، لا لحجم المعاناة.
إن هذا الوضع الكارثي لا يمكن تبريره بنقص الموارد أو ضعف الإمكانيات، بقدر ما يعكس أزمة أخلاقية وانحرافًا خطيرًا عن مبادئ مهنة الطب … فكيف يمكن للطبيب، الذي أقسم على أداء واجبه بشرف، أن يتحول إلى شفار ومضارب في الألم الإنساني؟ وكيف يمكن للمنظومة الصحية أن تستمر في تجاهل هذا العبث دون مساءلة أو محاسبة ؟.
إن تقاعس الجهات المسؤولة عن التدخل الحازم لمعالجة هذه الكارثة يزيد من تأزيم الوضع الصحي بالإقليم ، ويجعل المواطن الناظوري أسيرًا لجشع أغلبية الأطباء وتراخي السلطات … فإلى متى ستظل صحة المواطنين رهينة للمتاجرة والفساد؟ وهل ستتحرك وزارة الصحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أم أن صرخات المرضى ستظل مجرد أصداء تتلاشى في دهاليز الإهمال والتجاهل؟.
27/02/2025