بينما تحيي سلطات الإحتلال في مليلية السليبة الذكرى الـ 250 لرفع الحصار الذي فرضه السلطان المغربي محمد بن عبد الله عام 1774، يظل المغرب ثابتًا في موقفه باعتبار المدينة جزءًا لا يتجزأ من أراضيه، خاضعة للاحتلال الإسباني منذ قرون. فالاحتفالات الإسبانية بهذا الحدث تعكس رؤية استعمارية تحاول طمس الحقائق التاريخية، بينما يؤكد المغرب، حكومة وشعبًا، على ضرورة إنهاء هذا الاحتلال وإعادة المدينتين إلى السيادة الوطنية.
-حصار 1774: دفاع مغربي عن السيادة الوطنية
جاء حصار 1774 في سياق مقاومة الاحتلال الإسباني واستعادة السيادة المغربية على مليلية، حيث قاد السلطان محمد بن عبد الله جيشًا مغربيًا قوامه أكثر من 40 ألف جندي، مدعومًا بقبائل المنطقة، في محاولة لفرض الحصار على المدينة المحتلة. وقد استمرت هذه العملية العسكرية على مدى أكثر من ثلاثة أشهر، مدفوعة برؤية استراتيجية تهدف إلى إنهاء الوجود الاستعماري الإسباني.
ورغم أن الجيش المغربي لم ينجح في استعادة المدينة في تلك الفترة، إلا أن هذه المحاولة كانت جزءًا من النضال المستمر الذي خاضه المغرب عبر تاريخه لاسترجاع أراضيه المحتلة. فالشرعية التاريخية تؤكد أن مليلية لم تكن يومًا إسبانية، بل هي أرض مغربية تعرضت للغزو، وما زالت تحت الاحتلال رغم مطالبات المغرب المستمرة بإنهاء هذا الوضع الاستعماري.
-إسبانيا تروج لروايتها الاستعمارية
في إطار الاحتفالات بهذه الذكرى، نظم مرصد سبتة ومليلية ندوة عبر الإنترنت شارك فيها مؤرخون وخبراء عسكريون إسبان، مثل كارلوس إتشيفيريا، أنطونيو برافو، سانتياغو دومينغيز، ودينيسيو غارسيا، حيث ركز النقاش على الجانب الإسباني من الحصار، متجاهلين السياق الحقيقي الذي أدى إليه.
وخلال الندوة، تمت الإشارة إلى “الصمود البطولي” للقوات الإسبانية، وتمجيد دور المارشال الإيرلندي جون شيرلوك، الذي قاد الدفاع عن المدينة، بينما تم إغفال حقيقة أن الحصار كان نتيجة احتلال استعماري لا يزال قائمًا حتى اليوم.
-المغرب يجدد مطالبته بإنهاء الاحتلال
في الوقت الذي تُقام فيه الاحتفالات في مليلية، يظل المغرب متمسكًا بموقفه الثابت في المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسباني لمليلية وسبتة، حيث يؤكد أن استمرار هذا الوضع يتناقض مع مبادئ إنهاء الاستعمار وحق الشعوب في استرجاع أراضيها.
كما أن الخطاب الإسباني الذي يسعى إلى تقديم مليلية كـ”مدينة متعددة الثقافات”، وفق ما صرح به حاكم المدينة خوان خوسيه إمبرودا، لا يمكن فصله عن الواقع السياسي، إذ أن المدينة لا تزال تخضع لنظام استعماري يقصي المغرب من ممارسة سيادته الطبيعية على أراضيه.
تاريخ مليلية الحقيقي لم يبدأ برفع الحصار عام 1775، بل يمتد إلى قرون من الوجود المغربي في المنطقة، وسيظل هذا التاريخ شاهدًا على أن المدينة جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، وستظل المطالب المغربية باسترجاعها قائمة حتى تحقيق السيادة الكاملة.
27/02/2025