مع حلول مساء الأحد المقبل، سيحل فريق هلال الناظور ضيفًا على النادي المكناسي في مباراة ضمن منافسات كأس العرش، ستُقام تحت الأضواء الكاشفة، فيما تفتقر مدينة الناظور حتى إلى أبسط التجهيزات الضوئية التي تتيح إجراء تدريبات ليلية. استعدادًا لهذه المقابلة، التي ستُبث مباشرة في أولى ليالي شهر رمضان الفضيل، سيُكشف مرة أخرى عن حجم التهميش الذي تعاني منه البنية التحتية الرياضية في المدينة. أما أقرب الأضواء إلى الناظور، فهي تلك التي تلمع من ملاعب بركان المجاورة، أو من “سماء “مليلية المحتلة، التي يتطلب ولوجها تأشيرة “شنغن”، مما يعكس المفارقة الصارخة بين واقع الناظور وجيرانها.
– الناظور : مدينة بلا مركب رياضي رغم موقعها الاستراتيجي
تُعد الناظور من أبرز مدن الشمال الشرقي للمغرب، بموقعها الاستراتيجي كواجهة متوسطية تربط إفريقيا بأوروبا، لكنها تعاني من غياب البنية التحتية الرياضية الحديثة.
فعلى عكس الناظور، شهدت بركان طفرة رياضية مدعومة باستثمارات ضخمة، بينما تحظى جارتها مليلية المحتلة ببنية رياضية تضاهي نظيراتها الأوروبية.
– بركان : قصة نجاح مدعومة بالاستثمار والتخطيط
لا يمكن الحديث عن التطور الرياضي في بركان دون ذكر فوزي لقجع، رئيس “الپاطرونا” الرياضية، الذي لعب دورًا مركزيًا في تحويل المدينة إلى قطب رياضي بارز.
حظيت بركان بدعم غير مسبوق في مجال البنية التحتية الرياضية، حيث تم تحديث ملعبها وتجهيزه بأحدث التقنيات، مما انعكس إيجابًا على أداء نهضة بركان، الذي أصبح أحد أبرز الفرق المغربية على المستوى القاري.
لكن هذا النموذج الناجح لم يشمل الناظور، رغم توفرها على قاعدة جماهيرية كبيرة وتاريخ رياضي حافل.
– مليلية : مدينة صغيرة ببنية رياضية أوروبية
على الجانب الآخر، ورغم صغر حجمها، تمتلك مدينة مليلية المحتلة منشآت رياضية متطورة، بفضل السياسات الإسبانية التي جعلت الرياضة أولوية في المدينة.
ويعود الفضل جزئيًا إلى دييغو مارتينيز غوميز، رئيس عصبة كرة القدم ونائب رئيس الاتحاد الإسباني، الذي استغل نفوذه لضمان دعم إسباني مستمر لتطوير البنية الرياضية في مليلية.
ويطرح هذا الواقع تساؤلًا مشروعًا : لماذا لا يتم دعم الناظور بنفس الشكل، رغم كونها مدينة مغربية ذات أهمية استراتيجية ؟
– غياب العدالة في توزيع المشاريع الرياضية :
المقارنة بين الناظور المكلومة، بركان، ومليلية تكشف اختلالًا في توزيع الموارد الرياضية جغرافيًا.
فبينما حظيت بركان بدعم قوي، وازدهرت مليلية بفضل الاستثمار الإسباني، ظلّت الناظور مهمشة، رغم حاجة فرقها إلى ملعب حديث يليق بمكانتها الرياضية والتاريخية.
إذا كان المسؤولون قد نجحوا في جعل بركان نموذجًا رياضيًا، فلماذا لا يتم تعميم هذه التجربة في الناظور؟ ولماذا تبقى المدينة خارج أجندة التنمية الرياضية؟
– الناظور تستحق نصيبها من نهضة رياضية :
افتقار الناظور لمركب رياضي ليس مجرد قضية رياضية، بل هو انعكاس لغياب العدالة في توزيع المشاريع التنموية.
ومع اقتراب كأس العالم 2030، الذي سيجمع المغرب وإسبانيا والبرتغال، لا تزال الناظور مستبعدة من هذه الدينامية، رغم أنها جزء مهم من النسيج الرياضي الوطني.
إذا استمر هذا التهميش، ستظل الناظور متفرجة على نهضة جيرانها، بلا ملعب يليق بتاريخها، ولا حتى قناديل تُضيء ملاعبها.
فهل يُعقل أن تستجدي الناظور سلطات الاحتلال في مليلية؟ خصوصًا بعد أن جددت جامعة لقجع ملعب ليبريا، بينما تصاب مالية لقجع والحكومة بـ”الجفاف والإسهال” كلما جاء دور بوابة أوروبا في مشاريع البنية التحتية الرياضية؟
هذا السؤال الحارق يكشف حجم المفارقة والتناقض في سياسات توزيع الموارد، فبينما يتم ضخ الاستثمارات بسخاء في مدن أخرى، تظل الناظور عالقة في دوامة الإهمال، رغم أنها جسر المغرب نحو أوروبا، وأحد أهم المراكز الاقتصادية والرياضية في الشمال الشرقي.
إذا كان المسؤولون يرون في تطوير الملاعب أولوية، فلماذا لا تشمل هذه الأولوية مدينة بحجم الناظور؟ ولماذا تتكرر نفس الأعذار المالية كلما تعلق الأمر بهذه المنطقة؟ هل المطلوب أن تلتفت الناظور صوب سلطات الإحتلال بمليلية للحصول على ما لم تنله من بلدها ؟