أطلقت منظمة الشفافية الدولية تحذيراً صارماً من استمرار الولايات المتحدة كوجهة مفضلة لتدفقات الأموال غير المشروعة القادمة من أرجاء العالم، مشيرة إلى أن هذا الواقع يجعلها ركيزة أساسية في تعقيد قضايا الفساد العابر للحدود. وفي تقريرها الأخير المعنون “أوكرانيا بحاجة إلى تحرك عالمي ضد الفساد”، دعت المنظمة إلى تعاون دولي أكثر فاعلية، وإصلاحات جذرية تطال الأنظمة المالية التي تتيح تهريب هذه الأموال، مؤكدة على ضرورة تعزيز الوحدات المتخصصة في مكافحة الفساد وجعل عملها دائماً. ويأتي هذا التحذير في سياق يعكس تزايد التحديات التي تواجه النظام العالمي، حيث تتفاقم مخاطر الفساد وسط صراعات جيوسياسية متصاعدة.
وفي سياق متصل بالذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا، سلط التقرير الضوء على المأساة التي أعادت تشكيل ملامح العالم، مبرزاً كيف أصبح هذا الصراع مرآة تعكس مخاطر حكم الأوليغارشية الفاسدة. فقد استغل المسؤولون الفاسدون وأتباعهم نفوذهم لنهب المال العام، تاركين شعوبهم تواجه الحرمان والإهمال. وأوضح التقرير أن الأوليغارشيين الروس تمكنوا على مدى عقود من تجميع ثروات طائلة، تم غسلها وتوظيفها في اقتصادات غربية متقدمة، لاسيما في الولايات المتحدة، مما عزز من قوة الرئيس فلاديمير بوتين وطموحاته التوسعية، بينما سجلت روسيا تراجعاً غير مسبوق إلى أدنى مستوياتها في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024 بدرجة 22 من 100.
ورغم الجهود الغربية قبل ثلاث سنوات لمعاقبة النخب الروسية عبر عقوبات اقتصادية صارمة استهدفت الأوليغارشية والشركات المرتبطة بالكرملين، أكدت المنظمة أن الثغرات القانونية والمالية، خاصة في الولايات المتحدة، أعاقت تنفيذ هذه العقوبات بفعالية. وفيما حققت وحدة “كليبتوكابتشر” الأمريكية نجاحات ملحوظة بمصادرة أصول بقيمة 700 مليون دولار، فوجئ الجميع بحل هذه الوحدة على يد المدعية العامة الجديدة بام بوندي، وهو قرار أثار موجة انتقادات حادة. وختاماً، حذرت المنظمة من أن إضعاف مثل هذه المبادرات قد يقوض الجهود العالمية لمكافحة الفساد، داعية إلى تكثيف الرقابة المالية وتفعيل العقوبات لضمان محاسبة فعلية، ومحذرة من أن التهاون قد يمنح الأوليغارشية الفاسدة فرصة جديدة لتوسيع نفوذها، مما يهدد الاستقرار العالمي.
03/03/2025